في قوله عليه السلام: " ما أنا من دد ولا الدد مني " وقرئ حيا وهو المفعول الثاني. المسألة الثانية: لقائل أن يقول كيف قال: وخلقنا من الماء كل حيوان، وقد قال: * (والجان خلقناه من قبل من نار السموم) * (الحجر: 27) وجاء في الأخبار أن الله تعالى خلق الملائكة من النور وقال تعالى في حق عيسى عليه السلام: * (وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني) * (المائدة: 110) وقال في حق آدم: * (خلقه من تراب) * (آل عمران: 59) والجواب: اللفظ وإن كان عاما إلا أن القرينة المخصصة قائمة، فإن الدليل لا بد وأن يكون مشاهدا محسوسا ليكون أقرب إلى المقصود، وبهذا الطريق تخرج عنه الملائكة والجن وآدم وقصة عيسى عليهم السلام، لأن الكفار لم يروا شيئا من ذلك.
المسألة الثالثة: اختلف المفسرون فقال بعضهم المراد من قوله: * (كل شيء حي) * الحيوان فقط، وقال آخرون بل يدخل فيه النبات والشجر لأنه من الماء صار ناميا وصار فيه الرطوبة والخضرة والنور والثمر، وهذا القول أليق بالمعنى المقصود، كأنه تعالى قال: ففتقنا السماء لإنزال المطر وجعلنا منه كل شيء في الأرض من النبات وغيره حيا، حجة القول الأول أن النبات لا يسمى حيا، قلنا لا نسلم والدليل عليه قوله تعالى: * (كيف يحيي الأرض بعد موتها) * (الروم: 50) أما قوله تعالى: * (أفلا يؤمنون) * فالمراد أفلا يؤمنون بأن يتدبروا هذه الأدلة فيعلموا بها الخالق الذي لا يشبه غيره ويتركوا طريقة الشرك.
النوع الثالث: قوله تعالى: * (وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: أن تميد بهم كراهة أن تميد بهم أو لئلا تميد بهم فحذف لا واللام الأولى وإنما جاز حذف لا لعدم الالتباس كما ترى ذلك في قوله: * (لئلا يعلم أهل الكتاب) *.
المسألة الثانية: الرواسي الجبال، والراسي هو الداخل في الأرض.
المسألة الثالثة: قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن الأرض بسطت على الماء فكانت تنكفئ بأهلها كما تنكفئ السفينة، لأنها بسطت على الماء فأرساها الله تعالى بالجبال الثقال.
النوع الرابع: قوله تعالى: * (وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال صاحب " الكشاف ": الفج الطريق الواسع، فإن قلت في الفجاج معنى الوصف فمالها قدمت على السبل ولم تؤخر كما في قوله تعالى: * (لتسلكوا منها سبلا فجاجا) * قلت لم تقدم وهي صفة، ولكنها جعلت حالا كقوله: لعزة موحشا طلل قديم (c) والفرق من جهة المعنى أن قوله سبلا فجاجا، إعلام بأنه سبحانه جعل فيها طرقا واسعة، وأما قوله: * (فجاجا سبلا) * فهو إعلام بأنه سبحانه حين خلقها جعلها على تلك الصفة، فهذه الآية بيان لما أبهم في الآية الأولى.
المسألة الثانية: في قوله * (فيها) * قولان: أحدهما أنها عائدة إلى الجبال، أي وجعلنا في الجبال التي هي رواسي فجاجا سبلا، أي طرقا واسعة وهو قول مقاتل والضحاك ورواية عطاء عن ابن عباس وعن ابن عمر قال كانت الجبال منضمة فلما أغرق الله قوم نوح فرقها فجاجا وجعل فيها طرقا. الثاني: