فيهم، قولهم: أضاف الإضلال إلى السامري قلنا: أليس أن جميع المسببات العادية تضاف إلى أسبابها في الظاهر وإن كان الموجد لها هو الله تعالى فكذا ههنا وأيضا قرىء وأضلهم السامري أي وأشدهم ضلالا السامري وعلى هذا لا يبقى للمعتزلة الاستدلال، ثم الذي يحسم مادة الشغب التمسك بفصل الداعي على ما سبق تقريره في هذا الكتاب مرارا كثيرة.
المسألة الثانية: المراد بالقوم ههنا هم الذين خلفهم مع هارون عليه السلام على ساحل البحر وكانوا ستمائة ألف افتتنوا بالعجل غير أثني عشر ألفا.
المسألة الثالثة: قال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية سعيد بن جبير: كان السامري علجا من أهل كرمان وقع إلى مصر وكان من قوم يعبدون البقر والذي عليه الأكثرون أنه كان من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها السامرة، قال الزجاج وقال عطاء عن ابن عباس: بل كان رجلا من القبط جارا لموسى عليه السلام وقد آمن به.
المسألة الرابعة: روى في القصة أنهم أقاموا بعد مفارقته عشرين ليلة وحسبوها أربعين مع أيامها وقالوا: قد أكملنا العدة ثم كان أمر العجل بعد ذلك والتوفيق بين هذا وبين قوله لموسى عند مقدمه: * (فإنا قد فتنا قومك من بعدك) * من وجهين. الأول: أنه تعالى أخبر عن الفتنة المترقبة بلفظ الموجودة الكائنة على عادته. الثاني: أن السامري شرع في تدبير الأمر لما غاب موسى عليه السلام وعزم على إضلالهم حال مفارقة موسى عليه السلام وكأنه قدر الفتنة موجودة.
المسألة الخامسة: إنما رجع موسى عليه السلام بعد ما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذي الحجة.
المسألة السادسة: ذكروا في الأسف وجوها. أحدها: أنه شدة الغضب وعلى هذا التقدير لا يلزم التكرار لأن قوله: غضبان يفيد أصل الغضب وقوله: أسفا يفيد كماله. وثانيها: قال الأكثرون حزنا وجزعا يقال أسف يأسف أسفا إذا حزن فهو آسف. وثالثها: قال قوم: الآسف المغتاظ وفرقوا بين الاغتياظ والغضب بأن الله تعالى لا يوصف بالغيظ ويوصف بالغضب من حيث كان الغضب إرادة الإضرار بالمغضوب عليه والغيظ تغير يلحق المغتاظ وذلك لا يصح إلا على الأجسام كالضحك والبكاء ثم إن الله تعالى حكى عن موسى عليه السلام أنه عاتبهم بعد رجوعه إليهم قالت المعتزلة: وهذا يدل على أنه ليس المراد من قوله: * (فإنا قد فتنا قومك من بعدك) * أنه تعالى خلق الكفر فيهم وإلا لما عاتبهم بل يجب أن يعاتب الله تعالى قال الأصحاب: وقد فعل ذلك بقوله: * (إن هي إلا فتنتك) * (الأعراف: 155) ومجموع تلك المعاتبات أمور. أحدها: قوله: * (يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا) * وفيه سؤالان:
السؤال الأول: قوله: * (ألم يعدكم ربكم) * هذا الكلام إنما يتوجه عليهم لو كانوا معترفين بإله آخر سوى العجل أما لما اعتقدوا أنه لا إله سواه على ما أخبر الله تعالى عنهم أنهم قالوا هذا