وثانيها: هو البرهان الذي فرق به دين الحق عن الأديان الباطلة عن ابن زيد. وثالثها: فلق البحر عن الضحاك. ورابعها: الخروج عن الشبهات، قال محمد بن كعب واعلم أنه تعالى إنما خصص الذكرى بالمتقين لما في قوله: * (هدى للمتقين) * (البقرة: 2) أما قوله تعالى: * (الذين يخشون ربهم بالغيب) * فقال صاحب " الكشاف ": محل الذين جر على الوصفية أو نصب على المدح أو رفع عليه وفي معنى الغيب وجوه: أحدها: يخشون عذاب ربهم فيأتمرون بأوامره وينتهون عن نواهيه وإيمانهم بالله غيبي استدلالي، فالعباد يعملون لله في الغيب والله لا يغيب عنه شيء عن ابن عباس رضي الله عنهما. وثانيها: يخشون ربهم وهم غائبون عن الآخرة وأحكامها. وثالثها: يخشون ربهم في الخلوات إذا غابوا عن الناس وهذا هو الأقرب، والمعنى أن خشيتهم من عقاب الله لازم لقلوبهم إلا أن ذلك مما يظهرونه في الملا دون الخلا * (وهم من) * عذاب * (الساعة) * وسائر ما يجري فيها من الحساب والسؤال * (مشفقون) * فيعدلون بسبب ذلك الإشفاق عن معصية الله تعالى، ثم قال وكما أنزلت عليهم الفرقان فكذلك هذا القرآن المنزل عليك وهو معنى قوله: * (وهذا ذكر مبارك) * بركته كثرة منافعه وغزارة علومه وقوله: * (أفأنتم له منكرون) * فالمعنى أنه لا إنكار في إتزانه وفي عجائب ما فيه فقد آتينا موسى وهارون التوراة، ثم هذا القرآن معجز لاشتماله على النظم العجيب والبلاغة البديعة واشتماله على الأدلة العقلية وبيان الشرائع، فمثل هذا الكتاب مع كثرة منافعه كيف يمكنكم إنكاره. (القصة الثانية، (قصة) إبراهيم عليه السلام) قوله تعالى * (ولقد ءاتينآ إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لابيه وقومه ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنآ ءابآءنا لها عابدين * قال لقد كنتم أنتم وءابآؤكم فى ضلال مبين * قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين) * اعلم أن قوله تعالى: * (ولقد آتينا إبراهيم رشده) * فيه مسائل:
المسألة الأولى: في الرشد قولان: الأول: أنه النبوة واحتجوا عليه بقوله: * (وكنا به عالمين) * قالوا: لأنه تعالى إنما يخص بالنبوة من يعلم من حاله أنه في المستقبل يقوم بحقها ويجتنب