الآية، وما ذكر في سورة الشعراء: * (قال فرعون وما رب العالمين؟ * قال رب السماوات والأرض) * (الشعراء: 23، 24) الآيات، وأما النبوة فهي الآيات التسع التي خص الله بها موسى عليه السلام وهي العصا واليد وفلق البحر والحجر والجراد والقمل والضفادع والدم ونتق الجبل وعلى هذا التقرير معنى أريناه عرفناه صحتها وأوضحنا له وجه الدلالة فيها، ومنهم من حمل ذلك على ما يتصل بالنبوة وهي هذه المعجزات، وإنما أضاف الآيات إلى نفسه سبحانه وتعالى مع أن المظهر لها موسى عليه السلام لأنه أجراها على يديه كما أضاف نفخ الروح إلى نفسه فقال: * (فنفخنا فيها من روحنا) * (الأنبياء: 91) مع أن النفخ كان من جبريل عليه السلام، فإن قيل قوله: كلها يفيد العموم والله تعالى ما أراه جميع الآيات لأن من جملة الآيات ما أظهرها على الأنبياء عليهم السلام الذين كانوا قبل موسى عليه السلام والذين كانوا بعده قلنا: لفظ الكل وإن كان للعموم لكن قد يستعمل في الخصوص عند القرينة كما يقال دخلت السوق فاشتريت كل شيء أو يقال إن موسى عليه السلام أراه آياته وعدد عليه آيات غيره من الأنبياء عليهم السلام فكذب فرعون بالكل أو يقال تكذيب بعض المعجزات يقتضي تكذيب الكل فحكى الله تعالى ذلك على الوجه الذي يلزم ثم إنه سبحانه وتعالى حكى عنه أنه كذب وأبى قال القاضي: الإباء الامتناع وإنه لا يوصف به إلا من يتمكن من الفعل والترك ولأن الله تعالى ذمه بأنه كذب وبأنه أبى ولو لم يقدر على ما هو فيه لم يصح، واعلم أن هذا السؤال مر في سورة البقرة في قوله: * (إلا إبليس أبى واستكبر) * (البقرة: 34) والجواب مذكور هناك، ثم حكى الله تعالى شبهة فرعون وهي قوله: * (أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى) * وتركيب هذه الشبهة عجيب وذلك لأنه ألقى في مسامعهم ما يصيرون به مبغضين له جدا وهو قوله: * (أجئتنا لتخرجنا من أرضنا) * وذلك لأن هذا مما يشق على الإنسان في النهاية ولذلك جعله الله تعالى مساويا للقتل في قوله: * (أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم) * (النساء: 66) ثم لما صاروا في نهاية البغض له أورد الشبهة الطاعنة في نبوته عليه السلام وهي أن ما جئتنا به سحر لا معجز، ولما علم أن المعجز إنما يتميز عن السحر لكون المعجز مما يتعذر معارضته والسحر مما يمكن معارضته قال: * (فلنأتينك بسحر مثله) * أما قوله تعالى: * (فاجعل بيننا وبينك موعدا لا نخلفه نحن ولا أنت) * فاعلم أن الموعد يجوز أن يكون مصدرا ويجوز أن يكون اسما لمكان الوعد كقوله: * (وإن جهنم لموعدهم أجمعين) * (الحجر: 43) وأن يكون اسما لزمان الوعد كقوله: * (إن موعدهم الصبح) * (هود: 81) والذي في هذه الآية بمعنى المصدر أي اجعل بيننا وبينك وعدا لا نخلفه لأن الوعد هو الذي يصح وصفه بالخلف. أما الزمان والمكان فلا يصح وصفهما بذلك، ومما يؤكد ذلك أن الحسن قرأ يوم الزينة بالنصب وذلك لا يطابق المكان والزمان وإنما نصب مكانا لأنه هو المفعول الثاني للجعل والتقدير اجعل مكان موعد لا نخلفه مكانا سوى. أما قوله: * (سوى) * فاعلم أنه قرأ عاصم وحمزة وابن عامر * (سوى) * بضم السين والباقون بكسرها وهما لغتان مثل طوى وطوى، وقرئ أيضا منونا وغير منون، وذكروا في معناه وجوها:
(٧١)