المطلوب الثامن: قوله: * (وأشركه في أمري) * والأمر ههنا النبوة، وإنما قال ذلك لأنه عليه السلام علم أنه يشد به عضده وهو أكبر منه سنا وأفصح منه لسانا ثم إنه سبحانه وتعالى حكى عنه ما لأجله دعا بهذا الدعاء فقال: * (كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا) * والتسبيح يحتمل أن يكون باللسان وأن يكون بالاعتقاد، وعلى كلا التقديرين فالتسبيح تنزيه الله تعالى في ذاته وصفاته وأفعاله عما لا يليق به، وأما الذكر فهو عبارة عن وصف الله تعالى بصفات الجلال والكبرياء ولا شك أن النفي مقدم على الإثبات، أما قوله تعالى: * (إنك كنت بنا بصيرا) * ففيه وجوه: أحدها: إنك عالم بأنا لا نريد بهذه الطاعات إلا وجهك ورضاك ولا نريد بها أحدا سواك. وثانيها: * (كنت بنا بصيرا) * لأن هذه الاستعانة بهذه الأشياء لأجل حاجتي في النبوة إليها. وثالثها: إنك بصير بوجوه مصالحنا فأعطنا ما هو أصلح لنا، وإنما قيد الدعاء بهذا إجلالا لربه عن أن يتحكم عليه وتفويضا للأمر بالكلية إليه.
قوله تعالى * (قال قد أوتيت سؤلك يا موسى * ولقد مننا عليك مرة أخرى * إذ أوحينآ إلى أمك ما يوحى * أن قذفيه فى التابوت فاقذفيه فى اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لى وعدو له وألقيت عليك محبة منى ولتصنع على عينى * إذ تمشى أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كى تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا فلبثت سنين فى أهل مدين ثم جئت على قدر ياموسى * واصطنعتك لنفسى * اذهب أنت وأخوك باياتى ولا تنيا فى ذكرى *