وننقص من الشرك بإهلاك أهلم أما كان لهم في ذلك عبرة فيؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعلموا أنهم لا يقدرون على الامتناع من الله وإرادته فيهم ولا يقدرون على مغالبته ثم قال: * (أفهم الغالبون) * أي فهؤلاء هم الغالبون أم نحن وهو استفهام بمعنى التقرير والتقريع والمعنى بل نحن الغالبون وهم المغلوبون وقد مضى الكلام في هذه الآية في سورة الرعد. وفي تفسير النقصان وجوه: أحدها: قال ابن عباس ومقاتل والكلبي رضي الله عنهم ننقصها بفتح البلدان. وثانيها: قال ابن عباس في رواية أخرى يريد نقصان أهلها وبركتها. وثالثها: قال عكرمة: تخريب القرى عند موت أهلها. ورابعها: بموت العلماء وهذه الرواية إن صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعدل عنها وإلا فالأظهر من الأقاويل ما يتعلق بالغلبة فلذلك قال: * (أفهم الغالبون) * والذي يليق بذلك أنه ينقصها عنهم ويزيدها في بلاد الإسلام، قال القفال: نزلت هذه الآية في كفار مكة فكيف يدخل فيها العلماء والفقهاء فبين تعالى أن كل ذلك من العبر التي لو استعملوا عقلهم فيها لأعرضوا عن جهلهم.
قوله تعالى * (قل إنمآ أنذركم بالوحى ولا يسمع الصم الدعآء إذا ما ينذرون * ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن ياويلنآ إنا كنا ظالمين * ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) * اعلم أنه سبحانه لما كرر في القرآن الأدلة وبالغ في التنبيه عليها على ما تقدم أتبعه بقوله: * (قل إنما أنذركم بالوحي) * أي بالقرآن الذي هو كلام ربكم فلا تظنوا أن ذلك من قبلي بل الله آتيكم به وأمرني بإنذاركم فإذا قمت بما ألزمني ربي فلم يقع منكم القبول والإجابة فالوبال عليكم يعود، ومثلهم من حيث لم ينتفعوا بما سمعوا من إنذاره مع كثرته وتواليه بالصم الذين لا يسمعون أصلا إذ الغرض بالإنذار ليس السماع بل التمسك به في إقدام على واجب وتحرز عن محرم ومعرفة بالحق. فإذا لم يحصل هذا الغرض صار كأنه لم يسمع. قال صاحب " الكشاف ": قرىء ولا تسمع الصم الدعاء بالتاء والياء أي لا تسمع أنت أو لا يسمع رسول الله أو لا يسمع الصم من أسمع، فإن قلت: الصم لا تسمع دعاء البشر كما لا يسمعون دعاء المنذر. فكيف قال إذا ما ينذرون؟ قلت: اللام في الصم