لأنه في صورة الاختبار.
المسألة الثالثة: قال صاحب " الكشاف ": * (فتنة) * مصدر مؤكد لنبلوكم من غير لفظه.
المسألة الرابعة: احتجت التناسخية بقوله: * (وإلينا ترجعون) * فإن الرجوع إلى موضع مسبوق بالكون فيه. والجواب: أنه مذكور مجازا.
المسألة الخامسة: المراد من قوله: * (وإلينا ترجعون) * أنهم يرجعون إلى حكمه ومحاسبته ومجازاته، فبين بذلك بطلان قولهم في نفي البعث والمعاد، واستدلت التناسخية بهذه الآية، وقالوا: إن الرجوع إلى موضع مسبوق بالكون فيه، وقد كنا موجودين قبل دخولنا في هذا العالم واستدلت المجسمة بأنا أجسام، فرجوعنا إلى الله تعالى يقتضي كون الله تعالى جسما. والجواب عنه قد تقدم في مواضع كثيرة.
أما قوله تعالى: * (وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزؤا) * قال السدي ومقاتل: نزلت هذه الآية في أبي جهل مر به النبي صلى الله عليه وسلم وكان أبو سفيان مع أبي جهل، فقال أبو جهل لأبي سفيان: هذا نبي بني عبد مناف، فقال أبو سفيان: وما تنكر أن يكون نبيا في بني عبد مناف. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم قولهما فقال لأبي جهل: " ما أراك تنتهي حتى ينزل بك ما نزل بعمك الوليد بن المغيرة، وأما أنت يا أبا سفيان: فإنما قلت ما قلت حمية " فنزلت هذه الآية، ثم فسر الله تعالى ذلك بقوله: * (أهذا الذي يذكر آلهتكم) * والذكر يكون بخير وبخلافه، فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد كقولك للرجل سمعت فلانا يذكرك، فإن كان الذاكر صديقا فهو ثناء، وإن كان عدوا فهو ذم، ومنه قوله تعالى: * (سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم) * (الأنبياء: 60) والمعنى أنه يبطل كونها معبودة ويقبح عبادتها.
وأما قوله تعالى: * (وهم بذكر الرحمن هم كافرون) * فالمعنى أنه يعيبون عليه ذكر آلهتهم التي لا تضر ولا تنفع بالسوء، مع * (أنهم بذكر الرحمن) * الذي هو المنعم الخالق المحيي المميت * (كافرون) * ولا فعل أقبح من ذلك، فيكون الهزؤ واللعب والذم عليهم يعود من حيث لا يشعرون، ويحتمل أن يراد * (بذكر الرحمن) * القرآن والكتب، والمعنى في إعادتهم أن الأولى إشارة إلى القوم الذين كانوا يفعلون ذلك الفعل، والثانية إبانة لاختصاصهم به، وأيضا فإن في أعادتها تأكيدا وتعظيما لفعلهم.
قوله تعالى * (خلق الإنسان من عجل سأوريكم ءاياتى فلا تستعجلون * ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين * لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم