قوله تعالى * (فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون * وحرام على قرية أهلكناهآ أنهم لا يرجعون * حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون * واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا ياويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين) * اعلم أنه سبحانه لما ذكر أمر الأمة من قبل وذكر تفرقهم وأنهم أجمع راجعون إلى حيث لا أمر إلا له أتبع ذلك بقوله: * (فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه) * بين أن من جمع بين أن يكون مؤمنا وبين أن يعمل الصالحات فيدخل في الأول العلم والتصديق بالله ورسوله وفي الثاني فعل الواجبات وترك المحظورات: * (فلا كفران لسعيه) * أي لا بطلان لثواب عمله وهو كقوله تعالى: * (ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن، فأولئك كان سعيهم مشكورا) * (الإسراء: 19) فالكفران مثل في حرمان الثواب والشكر مثل في إعطائه وقوله: * (فلا كفران) * المراد نفي الجنس ليكون في نهاية المبالغة لأن نفي الماهية يستلزم نفي جميع أفرادها.
وأما قوله تعالى: * (وإنا له كاتبون) * فالمراد وإنا لسعيه كاتبون، فقيل: المراد حافظون لنجازي عليه، وقيل: كاتبون إما في أم الكتاب أو في الصحف التي تعرض يوم القيامة، والمراد بذلك ترغيب العباد في التمسك بطاعة الله تعالى.
أما قوله: * (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون) * فاعلم أن قوله: * (وحرام) * خبر فلا بد له من مبتدأ وهو إما قوله: * (أنهم لا يرجعون) * أو شيء آخر أما الأول فالتقدير أن عدم رجوعهم حرام أي ممتنع وإذا كان عدم رجوعهم ممتنعا كان رجوعهم واجبا فهذا الرجوع إما أن يكون المراد منه الرجوع إلى الآخرة أو إلى الدنيا. أما الأول: فيكون المعنى أن رجوعهم إلى الحياة في الدار الآخرة واجب، ويكون الغرض منه إبطال قول من ينكر البعث، وتحقيق ما تقدم أنه لا