حتى صارت بحيث يمكن نسفها، قراءة العامة بضم النون وتشديد الراء ومعناه لنحرقنه بالنار، وقرأ أبو جعفر وابن محيصن لنحرقنه بفتح النون وضم الراء خفيفة يعني لنبردنه، واعلم أن موسى عليه السلام لما فرغ من إبطال ما ذهب إليه السامري عاد إلى بيان الدين الحق فقال: * (إنما إلهكم) * أي المستحق للعبادة والتعظيم: * (الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما) * قال مقاتل: يعلم من يعبده ومن لا يعبده.
قوله تعالى * (كذلك نقص عليك من أنبآء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا * خالدين فيه وسآء لهم يوم القيامة حملا * يوم ينفخ فى الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا * يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا * نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما) * اعلم أنه سبحانه وتعالى لما شرح قصة موسى عليه السلام مع فرعون أولا ثم مع السامري ثانيا أتبعه بقوله: * (كذلك نقص عليك) * من سائر أخبار الأمم وأحوالهم تكثيرا لشأنك وزيادة في معجزاتك وليكثر الاعتبار والاستبصار للمكلفين بها في الدين: * (وقد آتيناك من لدنا ذكرا) * يعني القرآن كما قال تعالى: * (وهذا ذكر مبارك أنزلناه) * (الأنبياء: 50) * (وإنه لذكر لك) * (الزخرف: 44) * (والقرآن ذي الذكر) * (ص: 1) * (ما يأتيهم من ذكر) * (الأنبياء: 2) * (يا أيها الذي نزل عليه الذكر) * (الحجر: 6) ثم في تسمية القرآن بالذكر وجوه: أحدها: أنه كتاب فيه ذكر ما يحتاج إليه الناس من أمر دينهم ودنياهم. وثانيها: أنه يذكر أنواع آلاء الله تعالى ونعمائه ففيه التذكير والمواعظ. وثالثها: فيه الذكر والشرف لك ولقومك على ما قال: * (وإنه لذكر لك ولقومك) * (الزخرف: 44)، واعلم أن الله تعالى سمى كل كتبه ذكرا فقال: * (فاسألوا أهل الذكر) * (النحل: 43) وكما بين نعمته بذلك بين شدة الوعيد لمن أعرض عنه ولم يؤمن به من وجوه: أولها: قوله: * (من أعرض عنه) * فإنه يحمل يوم القيامة وزرا والوزر هو العقوبة الثقيلة سماها وزرا تشبيها في ثقلها