عليه بالعفو والمغفرة وهداه رشده حتى رجع إلى الندم والاستغفار وقبل الله منه ذلك، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لو جمع بكاء أهل الدنيا إلى بكاء داود كان بكاؤه أكثر، ولو جمع كل ذلك إلى بكاء نوح لكان بكاء نوح أكثر، وإنما سمي نوحا لنوحه على نفسه، ولو جمع كل ذلك إلى بكاء آدم لكان بكاء آدم على خطيئته أكثر " وقال وهب: إنه لما كثر بكاؤه أوحى الله تعالى إليه وأمره بأن يقول: " لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الغافرين " فقالها آدم عليه السلام ثم قال قل: " لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين " ثم قال قل: " لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم " قال ابن عباس رضي الله عنهما: هذه الكلمات هي التي تلقاها آدم عليه السلام من ربه.
قوله تعالى * (قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى * وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بايات ربه ولعذاب الاخرة أشد وأبقى) * اعلم أن على أول هذه الآية سؤالا وهو أن قوله: * (اهبطا) *، إما أن يكون خطابا مع شخصين أو أكثر فإن كان خطابا لشخصين فكيف قال بعده: * (فإما يأتينكم مني هدى) * وهو خطاب الجمع وإن كان خطابا لأكثر من شخصين فكيف قال: * (اهبطا) * وذكروا في جوابه وجوها: أحدها: قال أبو مسلم: الخطاب لآدم ومعه ذريته ولإبليس ومعه ذريته فلكونهما جنسين صح قوله: * (اهبطا) * ولأجل اشتمال كل واحد من الجنسين على الكثرة صح قوله: * (فإما يأتينكم) * قال صاحب " الكشاف ": لما كان آدم وحواء عليهما السلام أصلا للبشر والسبب اللذين منهما تفرعوا جعلا كأنهما