من حيث قال: * (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) * * (وهم من خشيته مشفقون) * ومن حيث الوعيد. وثانيها: تدل أيضا على أن الملائكة معصومون لأنه قال: * (وهم بأمره يعملون) *. وثالثها: قال القاضي عبد الجبار قوله: * (كذلك نجزي الظالمين) * يدل على أن كل ظالم يجزيه الله جهنم كما توعد الملائكة به وذلك يوجب القطع على أنه تعالى لا يغفر لأهل الكبائر في الآخرة. والجواب: أقصى ما في الباب أن هذا العموم مشعر بالوعيد وهو معارض بعمومات الوعيد.
قوله تعالى * (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من المآء كل شىء حى أفلا يؤمنون * وجعلنا فى الارض رواسى أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون * وجعلنا السمآء سقفا محفوظا وهم عن ءاياتها معرضون * وهو الذى خلق اليل والنهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون) * اعلم أنه سبحانه وتعالى شرع الآن في الدلائل الدالة على وجود الصانع، وهذه الدلائل أيضا دالة على كونه منزها عن الشريك، لأنها دالة على حصول الترتيب العجيب في العالم، ووجود الإلهين يقتضي وقوع الفساد. فهذه الدلائل تدل من جهة على التوحيد فتكون كالتوكيد لما تقدم. وفيها أيضا رد على عبدة الأوثان من حيث إن الإله القادر على مثل هذه المخلوقات الشريفة كيف يجوز في العقل أن يعدل عن عبادته إلى عبادة حجر لا يضر ولا ينفع. فهذا وجه تعلق هذه الآية بما قبلها، واعلم أنه سبحانه وتعالى ذكر ههنا ستة أنواع من الدلائل:
النوع الأول: قوله: * (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ ابن كثير ألم ير بغير الواو والباقون بالواو وإدخال الواو يدل على العطف لهذا القول على أمر تقدمه. قال صاحب " الكشاف ": قرىء رتقا بفتح التاء، وكلاهما في معنى