من عيني فبلغه عني رسالتي وادعه إلى عبادتي وحذره نقمتي: وقل له قولا لينا لا يغترن بلباس الدنيا فإن ناصيته بيدي، لا يطرف ولا يتنفس إلا بعلمي، في كلام طويل ، قال فسكت موسى سبعة أيام لا يتكلم ثم جاءه ملك فقال أجب ربك فيما أمرك بعبده ".
قوله تعالى * (قال رب شرح لى صدرى * ويسر لى أمرى * واحلل عقدة من لسانى * يفقهوا قولي * واجعل لى وزيرا من أهلى * هارون أخى * اشدد به أزرى * وأشركه فى أمرى * كى نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا) * اعلم أن الله تعالى لما أمر موسى عليه السلام بالذهاب إلى فرعون وكان ذلك تكليفا شاقا فلا جرم سأل ربه أمورا ثمانية، ثم ختمها بما يجري مجرى العلة لسؤال تلك الأشياء. المطلوب الأول: قوله: * (رب اشرح لي صدري) * واعلم أنه يقال شرحت الكلام أي بينته وشرحت صدره أي وسعته والأول يقرب منه لأن شرح الكلام لا يحصل إلا ببسطة. والسبب في هذا السؤال ما حكى الله تعالى عنه في موضع آخر وهو قوله: * (ويضيق صدري ولا ينطلق لساني) * (الشعراء: 13) فسأل الله تعالى أن يبدل ذلك الضيق بالسعة، وقال: * (رب اشرح لي صدري) * فأفهم عنك ما أنزلت علي من الوحي، وقيل: شجعني لأجترئ به على مخاطبة فرعون ثم الكلام فيه يتعلق بأمور. أحدها: فائدة الدعاء وشرائطه. وثانيها: ما السبب في أن الإنسان لا يذكر وقت الدعاء من أسماء الله تعالى إلا الرب. وثالثها: ما معنى شرح الصدر. ورابعها: بماذا يكون شرح الصدر. وخامسها: كيف كان شرح الصدر في حق موسى عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم. وسادسها: صفة صدر موسى عليه السلام هل كان منشرحا أو لم يكن منشرحا، فإن كان منشرحا كان طلب شرح الصدر تحصيلا للحاصل وهو محال، وإن لم يكن منشرحا فهو باطل من وجهين. الأول: أنه سبحانه بين له فيما تقدم كل ما يتعلق بالأديان من معرفة الربوبية والعبودية وأحوال المعاد وكل ما يتعلق بشرح الصدر في باب الدين فقد حصل، ثم إنه سبحانه تلطف له بقوله: * (وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى) * (طه: 13) ثم كلمه على سبيل الملاطفة بقوله: * (وما تلك بيمينك يا موسى) * (طه: 17) ثم أظهر له المعجزات