المسألة الثانية: ظاهر الآية يدل على أن القائلين جماعة لا واحد، فكأنهم كانوا من قبل قد عرفوا منه وسمعوا ما يقوله في آلهتهم فغلب على قلوبهم أنه الفاعل ولو لم يكن إلا قوله ما هذه التماثيل إلى غير ذلك لكفى.
قوله تعالى * (قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون * قالوا ءأنت فعلت هذا بالهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسالوهم إن كانوا ينطقون * فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون * ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون * قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم * أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) * اعلم أن القوم لما شاهدوا كسر الأصنام، وقيل إن فاعله إبراهيم عليه السلام قالوا فيما بينهم: * (فأتوا به على أعين الناس) * قال صاحب " الكشاف ": على أعين الناس في محل الحال أي فأتوا به مشاهدا أي بمرأى منهم ومنظر. فإن قلت: ما معنى الاستعلاء في علي؟ قلت: هو وارد على طريق المثل أي يثبت إثباته في الأعين ثبات الراكب على المركوب. أما قوله تعالى: * (لعلهم يشهدون) * ففيه وجهان: أحدهما: أنهم كرهوا أن يأخذوه بغير بينة فأرادوا أن يجيئوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون عليه بما قاله فيكون حجة عليه بما فعل. وهذا قول الحسن وقتادة والسدي وعطاء وابن عباس رضي الله عنهم. وثانيهما: وهو قول محمد بن إسحاق أي يحضرون فيبصرون ما يصنع به فيكون ذلك زاجرا لهم عن الإقدام على مثل فعله، وفيه قول ثالث: وهو قول مقاتل والكلبي أن المراد مجموع الوجهين فيشهدون عليه بفعله ويشهدون عقابه.
أما قوله تعالى: * (قالوا أأنت فعلت هذا) * فاعلم أن في الكلام حذفا، وهو: فأتوا به وقالوا أأنت