أحدها: قال أبو علي مكانا تستوي مسافته على الفريقين وهو المراد من قول مجاهد قال قتادة منصفا بيننا. وثانيها: قال ابن زيد: * (سوى) * أي مستويا لا يحجب العين ما فيه من الارتفاع والانخفاض فسوى على التقدير الأول صفة المسافة وعلى هذا التقدير صفة المكان والمقصود أنهم طلبوا موضعا مستويا لا يكون فيه ارتفاع ولا انخفاض حتى يشاهد كل الحاضرين كل ما يجري. وثالثها: مكانا يستوي حالنا في الرضاء به. ورابعها: قال الكلبي: مكانا سوى هذا المكان الذي نحن فيه الآن.
قوله تعالى * (قال موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى * فتولى فرعون فجمع كيده ثم أتى * قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى * فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى) * إعلم أن في الآية مسائل: المسألة الأولى: يحتمل أن قوله تعالى: * (قال موعدكم) * أن يكون من قول فرعون فبين الوقت ويحتمل أن يكون من قول موسى عليه السلام، قال القاضي والأول أظهر لأنه المطالب بالاجتماع دون موسى عليه السلام، وعندي الأظهر أنه من كلام موسى عليه السلام لوجوه. أحدها: أنه جواب لقول فرعون فاجعل بيننا وبينك موعدا. وثانيها: وهو أن تعيين يوم الزينة يقتضي اطلاع الكل على ما سيقع فتعيينه إنما يليق بالمحق الذي يعرف أن اليد له لا المبطل الذي يعرف أنه ليس معه إلا التلبيس. وثالثها: أن قوله: موعدكم خطاب للجمع فلو جعلناه من فرعون إلى موسى وهارون لزم إما حمله على التعظيم وذلك لا يليق بحال فرعون معهما أو على أن أقل الجمع اثنان وهو غير جائز أما لو جعلناه من موسى عليه السلام إلى فرعون وقومه استقام الكلام.
المسألة الثانية: يوم الزينة قرأ بعضهم بضم الميم وقرأ الحسن بالنصب قال الزجاج: إذا رفع فعلى خبر المبتدأ والمعنى وقت موعدكم يوم الزينة ومن نصب فعلى الظرف معناه موعدكم يقع يوم الزينة وقوله: * (وأن يحشر الناس ضحى) * معناه موعدكم حشر الناس ضحى فموضع أن يكون رفعا ويجوز فيه الخفض عطفا على الزينة كأنه قال موعدكم يوم الزينة ويوم يحشر الناس ضحى فإن قيل ألستم قلتم في تفسير قوله: * (اجعل بيننا وبينك موعدا) * إن التقدير اجعل مكان موعد لا نخلفه مكانا سوى فهذا كيف يطابقه الجواب بذكر الزمان؟ قلنا هو مطابق معنى وإن لم يطابق لفظا