الرسول فنبذتها وكذلك سولت لى نفسى * قال فاذهب فإن لك فى الحيوة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وانظر إلى إلهك الذى ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه فى اليم نسفا * إنمآ إلهكم الله الذى لا إله إلا هو وسع كل شىء علما) * اعلم أن موسى عليه السلام لما فرغ من مخاطبة هارون عليه السلام وعرف العذر له في التأخير أقبل على السامري ويجوز أن يكون قد كان حاضرا مع هارون عليه السلام فلما قطع موسى الكلام مع هارون أخذ في التكلم مع السامري، ويجوز أن يكون بعيدا ثم حضر السامري من بعد أو ذهب إليه موسى ليخاطبه، فقال موسى عليه السلام: * (ما خطبك يا سامري) * والخطب مصدر خطب الأمر إذا طلبه، فإذا قيل لمن يفعل شيئا ما خطبك؟ معناه ما طلبك له والغرض منه الإنكار عليه وتعظيم صنعه ثم ذكر السامري عذره في ذلك فقال: * (بصرت بما لم يبصروا به) * وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قرىء * (بصرت بما لم يبصروا به) * بالكسر وقرأ حمزة والكسائي بما لم تبصروا بالتاء المعجمة من فوق والباقون بالياء أي بما لم يبصر به بنو إسرائيل.
المسألة الثانية: في الإبصار قولان: قال أبو عبيدة: علمت بما لم يعلموا به ومنه قولهم: رجل بصير أي عالم وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما وقال الزجاج في تقريره: أبصرته بمعنى رأيته وبصرت به بمعنى صرت به بصيرا عالما. وقال آخرون: رأيت ما لم يروه فقوله بصرت به بمعنى أبصرته وأراد أنه رأى دابة جبريل عليه السلام فأخذ من موضع حافر دابته قبضة من تراب ثم قال: * (فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ الحسن قبضة بضم القاف وهي اسم للمقبوض كالغرفة والضفة وأما القبضة فالمرة من القبض وإطلاقها على المقبوض من تسمية المفعول بالمصدر كضرب الأمير وقرئ أيضا فقبصت قبصة بالضاد والصاد فالضاد بجميع الكف والصاد بأطراف الأصابع ونظيرهما الخضم والقضم الخاء بجميع الفم والقاف بمقدمه. قرأ ابن مسعود من أثر فرس الرسول.
المسألة الثانية: عامة المفسرين قالوا: المراد بالرسول جبريل عليه السلام وأراد بأثره التراب الذي أخذه من موضع حافر دابته ثم اختلفوا أنه متى رآه فقال الأكثرون: إنما رآه يوم فلق البحر. وعن علي عليه السلام أن جبريل عليه السلام لما نزل ليذهب بموسى عليه السلام إلى الطور أبصره السامري من بين الناس، واختلفوا في أن السامري كيف اختص برؤية جبريل عليه السلام ومعرفته من بين سائر الناس، فقال ابن عباس رضي الله عنهما في رواية الكلبي: إنما عرفه