بعضهم: عني به ميثاق الله الذي واثق به المؤمنين من أصحاب رسول الله (ص)، حين بايعوا رسول الله (ص) على السمع والطاعة له فيما أحبوا وكرهوا، والعمل بكل ما أمرهم الله به ورسوله. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا... الآية، يعني: حيث بعث الله النبي (ص)، وأنزل عليه الكتاب، فقالوا: آمنا بالنبي وبالكتاب، وأقررنا بما في التوراة. فذكرهم الله ميثاقه الذي أقروا به على أنفسهم، وأمرهم بالوفاء به.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا فإنه أخذ ميثاقنا، فقلنا سمعنا وأطعنا على الايمان والاقرار به وبرسوله.
وقال آخرون: بل عنى به جل ثناؤه: ميثاقه الذي أخذ على عباده حين أخرجهم من صلب آدم (ص)، وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ فقالوا: بلى شهدنا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: وميثاقه الذي واثقكم به قال: الذي واثق به بني آدم في ظهر آدم.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، نحوه.
وأولى الأقوال بالصواب في تأويل ذلك: قول ابن عباس، وهو أن معناه: واذكروا أيها المؤمنون نعمة الله عليكم التي أنعمها عليكم بهدايته إياكم للاسلام وميثاقه الذي واثقكم به، يعني: وعهده الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا (ص) على السمع والطاعة له في المنشط والمكره، والعسر واليسر، إذ قلتم سمعنا ما قلت لنا، وأخذت علينا من المواثيق وأطعناك فيما أمرتنا به ونهيتنا عنه، وأنعم عليكم أيضا بتوفيقكم لقبول ذلك منه بقولكم له سمعنا وأطعنا، يقول: ففوا لله أيها المؤمنون بميثاقه الذي واثقكم به، ونعمته التي أنعم عليكم في ذلك بإقراركم على أنفسكم بالسمع له والطاعة فيما أمركم به، وفيما