وقال آخرون: بل النعمة التي ذكرها الله في هذه الآية، فأمر المؤمنين من أصحاب رسول الله (ص) بالشكر له عليها، أن اليهود كانت همت بقتل النبي (ص) في طعام دعوه إليه، فأعلم الله عز وجل نبيه (ص) ما هموا به، فانتهى هو وأصحابه عن إجابتهم إليه. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم... إلى قوله:
فكف أيديهم عنكم وذلك أن قوما من اليهود صنعوا لرسول الله (ص) وأصحابه طعاما ليقتلوه إذا أتى الطعام، فأوحى الله إليه بشأنهم، فلم يأت الطعام وأمر أصحابه فأبوه.
وقال آخرون: عنى الله جل ثناؤه بذلك النعمة التي أنعمها على المؤمنين باطلاع نبيه (ص) على ما هم به عدوه وعدوهم من المشركين يوم بطن نخل من اغترارهم إياهم، والايقاع بهم إذا هم اشتغلوا عنهم بصلاتهم، فسجدوا فيها، وتعريفه نبيه (ص) الحذار من عدوه في صلاته بتعليمه إياه صلاة الخوف. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم... الآية، ذكر لنا أنها نزلت على رسول الله (ص) وهو ببطن نخل في الغزوة السابعة، فأراد بنو ثعلبة وبنو محارب أن يفتكوا به، فأطلعه الله على ذلك. ذكر لنا أن رجلا انتدب لقتله، فأتى نبي الله (ص) وسيفه موضوع، فقال: آخذه يا نبي الله؟ قال:
خذه قال: أستله؟ قال: نعم فسله، فقال: من يمنعك مني؟ قال: الله يمنعني منك. فهدده أصحاب رسول الله (ص)، وأغلظوا له القول، فشام السيف، وأمر نبي الله (ص) أصحابه بالرحيل، فأنزل عليه صلاة الخوف عند ذلك.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، ذكره عن ابن أبي سلمة، عن جابر: أن النبي (ص) نزل منزلا، وتفرق الناس في العضاه يستظلون تحتها، فعلق النبي (ص) سلاحه بشجرة، فجاء أعرابي إلى سيف رسول الله (ص) وأخذه فسله، ثم أقبل على النبي (ص)، فقال: من يمنعك مني؟ والنبي (ص) يقول: الله، فشام الأعرابي السيف، فدعا النبي (ص) أصحابه، فأخبرهم خبر الأعرابي