عندي مصدق لما معكم لتؤمنن به، يقول: لتصدقنه ولتنصرنه. وقد قال السدي في ذلك بما:
حدثنا به محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: * (لما آتيتكم) * يقول لليهود: أخذت ميثاق النبيين بمحمد (ص)، وهو الذي ذكر في الكتاب عندكم.
فتأويل ذلك على قول السدي الذي ذكرناه: واذكروا يا معشر أهل الكتاب، إذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم أيها اليهود من كتاب وحكمة. وهذا الذي قاله السدي كان تأويلا لا وجه غيره لو كان التنزيل بما آتيتكم، ولكن التنزيل باللام لما آتيتكم، وغير جائز في لغة أحد من العرب أن يقال: أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم، بمعنى: بما آتيتكم.
القول في تأويل قوله تعالى: * (قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري؟ قالوا أقررنا) * يعني بذلك جل ثناؤه: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين بما ذكر، فقال لهم تعالى ذكره:
أأقررتم بالميثاق الذي واثقتموني عليه من أنكم مهما أتاكم رسول من عندي، مصدق لما معكم، لتؤمنن به ولتنصرنه، * (وأخذتم على ذلكم إصري) * يقول: وأخذتم على ما واثقتموني عليه من الايمان بالرسل التي تأتيكم بتصديق ما معكم من عندي، والقيام بنصرتهم إصري، يعني عهدي ووصيتي، وقبلتم في ذلك مني ورضيتموه. والاخذ: هو القبول في هذا الموضع، والرضا من قولهم: أخذ الوالي عليه البيعة، بمعنى: بايعه، وقبل ولايته، ورضي بها. وقد بينا معنى الإصر باختلاف المختلفين فيه، والصحيح من القول في ذلك فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. وحذفت الفاء من قوله: * (قال أأقررتم) * لأنه ابتداء كلام على نحو ما قد بينا في نظائره فيما مضى. وأما قوله: * (قالوا أقررنا) * فإنه يعني به: قال النبييون الذين أخذ الله ميثاقهم بما ذكر في هذه الآية: أقررنا بما ألزمتنا من الايمان برسلك الذين ترسلهم مصدقين لما معنا من كتبك وبنصرتهم.
القول في تأويل قوله تعالى: * (قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) *.
يعني بذلك جل ثناؤه، قال الله: فاشهدوا أيها النبييون بما أخذت به ميثاقكم من الايمان بتصديق رسلي التي تأتيكم بتصديق ما معكم من الكتاب والحكمة، ونصرتهم على