ثم اختلفوا في الذين عنوا بقوله: * (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) * فقال بعضهم: الذين عنوا بذلك هم الأنبياء، أخذت مواثيقهم أن يصدق بعضهم بعضا، وأن ينصروه، وقد ذكرنا الرواية بذلك عمن قاله.
وقال آخرون: هم أهل الكتاب أمروا بتصديق محمد (ص) إذا بعثه الله وبنصرته، وأخذ ميثاقهم في كتبهم بذلك، وقد ذكرنا الرواية بذلك أيضا عمن قاله.
وقال آخرون ممن قال الذين عنوا بأخذ الله ميثاقهم منهم في هذه الآية هم الأنبياء، قوله: * (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم) * معني به أهل الكتاب. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر.
قال: أخبرنا ابن طاوس، عن أبيه في قوله: * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة) * قال: أخذ الله ميثاق النبيين: أن يصدق بعضهم بعضا، ثم قال: * (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه) * قال: فهذه الآية لأهل الكتاب أخذ الله ميثاقهم أن يؤمنوا بمحمد ويصدقوه.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثني ابن أبي جعفر، عن أبيه، قال:
قال قتادة: أخذ الله على النبيين ميثاقهم أن يصدق بعضهم بعضا، وأن يبلغوا كتاب الله ورسالته إلى عباده، فبلغت الأنبياء كتاب الله ورسالاته إلى قومهم، وأخذوا مواثيق أهل الكتاب في كتابهم، فيما بلغتهم رسلهم، أن يؤمنوا بمحمد (ص)، ويصدقوه وينصروه.
وأولى الأقوال بالصواب عندنا في تأويل هذه الآية: أن جميع ذلك خبر من الله عز وجل عن أنبيائه أنه أخذ ميثاقهم به، وألزمهم دعاء أممهم إليه والاقرار به، لان ابتداء الآية خبر من الله عز وجل عن أنبيائه أنه أخذ ميثاقهم، ثم وصف الذي أخذ به ميثاقهم، فقال: هو كذا وهو كذا.
وإنما قلنا إن ما أخبر الله أنه أخذ به مواثيق أنبيائه من ذلك، قد أخذت الأنبياء مواثيق أممها به، لأنها أرسلت لتدعو عباد الله إلى الدينونة، بما أمرت بالدينونة به في أنفسها من تصديق رسل الله على ما قدمنا البيان قبل. فتأويل الآية: واذكروا يا معشر أهل الكتاب إذ أخذ الله ميثاق النبيين لمهما آتيتكم أيها النبيون من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول من