وأشبه الأقوال التي ذكرنا في معنى الحواريين قول من قال: سموا بذلك لبياض ثيابهم، ولأنهم كانوا غسالين، وذلك أن الحور عند العرب: شدة البياض، ولذلك سمي الحوارى من الطعام حواري لشدة بياضه، ومنه قيل للرجل الشديد البياض مقلة العينين أحور، وللمرأة حوراء، وقد يجوز أن يكون حواريو عيسى كانوا سموا بالذي ذكرنا من تبييضهم الثياب، وأنهم كانوا قصارين، فعرفوا بصحبة عيسى واختياره إياهم لنفسه أصحابا وأنصارا، فجرى ذلك الاسم لهم واستعمل، حتى صار كل خاصة للرجل من أصحابه وأنصاره حواريه، ولذلك قال النبي (ص): لكل نبي حواري، وحواري الزبير يعني خاصته. وقد تسمي العرب النساء اللواتي مساكنهن القرى والأمصار حواريات، وإنما سمين بذلك لغلبة البياض عليهن، ومن ذلك قول أبي جلدة اليشكري:
فقل للحواريات يبكين غيرنا * ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح ويعني بقوله: * (قال الحواريون) * قال: هؤلاء الذين صفتهم ما ذكرنا من تبييضهم الثياب: آمنا بالله، صدقنا بالله، واشهد أنت يا عيسى بأننا مسلمون. وهذا خبر من الله عز وجل أن الاسلام دينه الذي ابتعث به عيسى والأنبياء قبله، لا النصرانية ولا اليهودية، وتبرئة من الله لعيسى ممن انتحل النصرانية ودان بها، كما برأ إبراهيم من سائر الأديان غير الاسلام، وذلك احتجاج من الله تعالى ذكره لنبيه (ص) على وفد نجران. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير * (فلما أحس عيسى منهم الكفر) * والعدوان، * (قال من أنصاري إلى الله قال