ثم اختلف أهل التأويل في معنى الوفاة التي ذكرها الله عز وجل في هذه الآية، فقال بعضهم: هي وفاة نوم، وكان معنى الكلام على مذهبهم: إني منيمك، ورافعك في نومك.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: * (إني متوفيك) * قال: يعني وفاة المنام: رفعه الله في منامه. قال الحسن: قال رسول الله (ص) لليهود: إن عيسى لم يمت، وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة.
وقال آخرون: معنى ذلك: إني قابضك من الأرض، فرافعك إلي، قالوا: ومعنى الوفاة: القبض، كما يقال: توفيت من فلان ما لي عليه، بمعنى: قبضته واستوفيته. قالوا:
فمعنى قوله: * (إني متوفيك ورافعك) *: أي قابضك من الأرض حيا إلى جواري، وآخذك إلى ما عندي بغير موت، ورافعك من بين المشركين وأهل الكفر بك. ذكر من قال ذلك:
حدثنا علي بن سهل، قال: ثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، عن مطر الوراق في قول الله: * (إني متوفيك) * قال: متوفيك من الدنيا، وليس بوفاة موت.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الحسن في قوله: * (إني متوفيك) * قال: متوفيك من الأرض.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله:
* (إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا) * قال: فرفعه إياه إليه، توفيه إياه، وتطهيره من الذين كفروا.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح أن كعب الأحبار، قال: ما كان الله عز وجل ليميت عيسى ابن مريم، إنما بعثه الله داعيا ومبشرا يدعو إليه وحده، فلما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذبه، شكا ذلك إلى الله عز وجل، فأوحى الله إليه: * (إني متوفيك ورافعك إلي) * وليس من رفعته عندي ميتا، وإني سأبعثك على الأعور الدجال، فتقتله، ثم تعيش بعد ذلك أربعا وعشرين سنة، ثم أميتك ميتة الحي.