وبمثل ما قلنا في تأويل قوله: * (من أنصاري إلى الله) * قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: * (من أنصاري إلى الله) * يقول: مع الله.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: * (من أنصاري إلى الله) * يقول: مع الله.
وأما سبب استنصار عيسى عليه السلام من استنصر من الحواريين، فإن بين أهل العلم فيه اختلافا، فقال بعضهم: كان سبب ذلك ما:
حدثني به موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: لما بعث الله عيسى، فأمره بالدعوة، نفته بنو إسرائيل وأخرجوه، فخرج هو وأمه يسيحون في الأرض، فنزل في قرية على رجل، فضافهم وأحسن إليهم، وكان لتلك المدينة ملك جبار معتد، فجاء ذلك الرجل يوما وقد وقع عليه هم وحزن، فدخل منزله ومريم عند امرأته، فقالت مريم لها: ما شأن زوجك أراه حزينا؟ قالت: لا تسألي، قالت: أخبريني لعل الله يفرج كربته، قالت: فإن لنا ملكا يجعل على كل رجل منا يوما يطعمه هو وجنوده، ويسقيهم من الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وإنه قد بلغت نوبته اليوم الذي يريد أن نصنع له فيه، وليس لذلك عندنا سعة، قالت: فقولي له: لا يهتم، فإني آمر ابني فيدعو له، فيكفي ذلك، قالت مريم لعيسى في ذلك، قال عيسى: يا أمه إني إن فعلت كان في ذلك شر، قالت: فلا تبال، فإنه قد أحسن إلينا وأكرمنا، قال عيسى: فقولي له: إذا اقترب ذلك فاملا قدورك وخوابيك ماء ثم أعلمني، قال: فلما ملأهن أعلمه، فدعا الله، فتحول ما في القدور لحما ومرقا وخبزا، وما في الخوابي خمرا لم ير الناس مثله قط وإياه طعاما، فلما جاء الملك أكل، فلما شرب الخمر سأل من أين هذه الخمر؟ قال له: هي من أرض كذا وكذا، قال الملك: فإن خمري أوتي بها من تلك الأرض فليس هي مثل هذه، قال: هي من أرض أخرى، فلما خلط على الملك اشتد عليه، قال: فأنا أخبرك عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه، وإنه دعا الله، فجعل الماء خمرا، قال الملك، وكان له ابن يريد أن يستخلفه، فمات قبل ذلك بأيام، وكان أحب الخلق إليه، فقال: إن رجلا دعا الله حتى جعل الماء خمرا، ليستجابن له حتى يحيي ابني، فدعا عيسى فكلمه، فسأله أن يدعو الله فيحيي ابنه، فقال عيسى: لا تفعل، فإنه إن عاش كان شرا، فقال الملك: لا أبالي، أليس أراه، فلا أبالي