ما كان، فقال عيسى عليه السلام: فإن أحييته تتركوني أنا وأمي نذهب أينما شئنا، قال الملك: نعم، فدعا الله، فعاش الغلام، فلما رآه أهل مملكته قد عاش، تنادوا بالسلاح، وقالوا: أكلنا هذا حتى إذا دنا موته يريد أن يستخلف ابنه فيأكلنا كما أكلنا أبوه، فاقتتلوا، وذهب عيسى وأمه، وصحبهما يهودي، وكان مع اليهودي رغيفان، ومع عيسى رغيف، فقال له عيسى: شاركني، فقال اليهودي: نعم، فلما رأى أنه ليس مع عيسى إلا رغيب ندم، فلما نام جعل اليهودي يريد أن يأكل الرغيف، فلما أكل لقمة قال له عيسى: ما تصنع؟
فيقول: لا شئ، فيطرحها، حتى فرغ من الرغيف كله، فلما أصبحا قال له عيسى: هلم طعامك، فجاء برغيف، فقال له عيسى: أين الرغيف الآخر؟ قال: ما كان معي إلا واحد، فسكت عنه عيسى، فانطلقوا، فمروا براعي غنم، فنادى عيسى، يا صاحب الغنم أجزرنا شاة من غنمك، قال: نعم، أرسل صاحبك يأخذها، فأرسل عيسى اليهودي، فجاء بالشاة، فذبحوها وشووها، ثم قال لليهودي: كل ولا تكسرن عظما! فأكلا، فلما شبعوا قذف عيسى العظام في الجلد، ثم ضربها بعصاه وقال: قومي بإذن الله، فقامت الشاة تثغو، فقال:
يا صاحب الغنم خذ شاتك، فقال له الراعي: من أنت؟ قال: أنا عيسى ابن مريم، قال:
أنت الساحر، وفر منه. قال عيسى لليهودي: بالذي أحيى هذه الشاة بعد ما أكلناها كم كان معك رغيفا؟ فحلف ما كان معه إلا رغيف واحد، فمروا بصاحب بقر، فنادى عيسى، فقال: يا صاحب البقر أجزرنا من بقرك هذه عجلا! قال: ابعث صاحبك يأخذه، قال:
انطلق يا يهودي فجئ به، فانطلق فجاء به، فذبحه وشواه، وصاحب البقر ينظر، فقال له عيسى: كل ولا تكسرن عظما. فلما فرغوا قذف العظام في الجلد، ثم ضربه بعصاه، وقال:
قم بإذن الله! فقام وله خوار، قال: خذ عجلك، قال: ومن أنت؟ قال: أنا عيسى، قال:
أنت السحار. ثم فر منه، قال اليهودي: يا عيسى أحييته بعد ما أكلناه، قال عيسى: فبالذي أحيى الشاة بعد ما أكلناها، والعجل بعد ما أكلناه، كم كان معك رغيفا؟ فحلف بالله ما كان معه إلا رغيف واحد، فانطلقا حتى نزلا قرية، فنزل اليهودي أعلاها، وعيسى في أسفلها، وأخذ اليهودي عصا مثل عصا عيسى، وقال: أنا الآن أحيي الموتى، وكان ملك تلك المدينة مريضا شديد المرض، فانطلق اليهودي ينادي: من يبتغي طبيبا؟ حتى أتى ملك تلك القرية، فأخبر بوجعه، فقال: أدخلوني عليه فأنا أبرئه، وإن رأيتموه قد مات فأنا أحييه،