أما قوله: * (ويكلم الناس في المهد) * فإن معناه: أن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم، وجيها عند الله، ومكلما الناس في المهد. فيكلم وإن كان مرفوعا، لأنه في صورة يفعل بالسلامة من العوامل فيه، فإنه في موضع نصب، وهو نظير قول الشاعر:
بت أعشيها بعضب باتر * يقصد في أسوقها وجائر وأما المهد: فإنه يعني به مضجع الصبي في رضاعه. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
قال ابن عباس: * (ويكلم الناس في المهد) * قال: مضجع الصبي في رضاعه.
وأما قوله: * (وكهلا) * فإنه ومحتنكا فوق الغلومة ودون الشيخوخة، يقال منه:
رجل كهل، وامرأة كهلة، كما قال الراجز:
ولا أعود بعدها كريا * أمارس الكهلة والصبيا وإنما عنى جل ثناؤه بقوله: * (ويكلم الناس في المهد وكهلا) *: ويكلم الناس طفلا في المهد، دلالة على براءة أمه مما قذفها به المفترون عليها، وحجة له على نبوته، وبالغا كبيرا بعد احتناكه بوحي الله الذي يوحيه إليه، وأمره ونهيه، وما تقول عليه من كتابه.