وقال آخرون: بل هي اسم لعيسى سماه الله بها كما سمى سائر خلقه بما شاء من الأسماء. وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: الكلمة: هي عيسى.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: * (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه) * قال: عيسى هو الكلمة من الله.
وأقرب الوجوه إلى الصواب عندي القول الأول: وهو أن الملائكة بشرت مريم بعيسى عن الله عز وجل برسالته وكلمته التي أمرها أن تلقيها إليها، أن الله خالق منها ولدا من غير بعل ولا فحل، ولذلك قال عز وجل: * (اسمه المسيح) * فذكر، ولم يقل اسمها فيؤنث، والكلمة مؤنثة، لان الكلمة غير مقصود بها قصد الاسم الذي هو بمعنى فلان، وإنما هي بمعنى البشارة، فذكرت كنايتها، كما تذكر كناية الذرية والدابة والألقاب، على ما قد بيناه قبل فيما مضى.
فتأويل ذلك كما قلنا آنفا، من أن معنى ذلك: إن الله يبشرك ببشرى، ثم بين عن البشرى، أنها ولد اسمه المسيح.
وقد زعم بعض نحويي البصرة، أنه إنما ذكر فقال: * (اسمه المسيح) *، وقد قال:
* (بكلمة منه) * والكلمة عنده: هي عيسى، لأنه في المعنى كذلك، كما قال جل ثناؤه: * (أن تقول نفس يا حسرتا) *، ثم قال: * (بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها) * وكما يقال: ذو الثدية، لان يده كانت قصيرة قريبة من ثدييه، فجعلها كأن اسمها ثدية، ولولا ذلك لم تدخل الهاء في التصغير.
وقال بعض نحويي الكوفة نحو قول من ذكرنا من نحويي البصرة، في أن الهاء من ذكر الكلمة، وخالفه في المعنى الذي من أجله ذكر قوله * (اسمه) *، والكلمة متقدمة قبله،