عن قتادة في قوله: * (يلقون أقلامهم) * قال: تساهموا على مريم أيهم يكفلها، فقرعهم زكريا.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: * (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) *، وإن مريم لما وضعت في المسجد، اقترع عليها أهل المصلى، وهم يكتبون الوحي، فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها، فقال الله عز وجل لمحمد (ص): * (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون) *.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: أخبرنا عبيد، قال:
سمعت الضحاك يقول في قوله: * (إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) *: اقترعوا بأقلامهم أيهم يكفل مريم، فقرعهم زكريا.
حدثنا محمد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، عن عباد، عن الحسن، في قوله: * (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم) * قال: حيث اقترعوا على مريم، وكان غيبا عن محمد (ص) حين أخبره الله.
وإنما قيل: * (أيهم يكفل مريم) * لان إلقاء المستهمين أقلامهم على مريم إنما كان لينظروا أيهم أولى بكفالتها وأحق، ففي قوله عز وجل: * (إذ يلقون أقلامهم) * دلالة على محذوف من الكلام، وهو: لينظروا أيهم يكفل، وليتبينوا ذلك ويعلموه.
فإن ظن ظان أن الواجب في أيهم النصب، إذ كان ذلك معناه، فقد ظن خطأ، وذلك أن النظر والتبين والعلم مع أي يقتضي استفهاما واستخبارا، وحظ أي في الاستخبار الابتداء، وبطول عمل المسألة والاستخبار عنه. وذلك أن معنى قول القائل:
لأنظرن أيهم قام، لأستخبرن الناس أيهم قام، وكذلك قولهم: لأعلمن. وقد دللنا فيما مضى قبل أن معنى يكفل يضم، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وما كنت لديهم إذ يختصمون) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: وما كنت يا محمد عند قوم مريم، إذ يختصمون فيها أيهم أحق بها وأولى، وذلك من الله عز وجل وإن كان خطابا لنبيه (ص)، فتوبيخ منه عز وجل للمكذبين به من أهل الكتابين، يقول: كيف يشك أهل الكفر بك منهم، وأنت تنبئهم هذه