حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * فالتقية باللسان: من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله فيتكلم به مخافة الناس وقلبه مطمئن بالايمان، فإن ذلك لا يضره، إنما التقية باللسان.
وقال آخرون: معنى: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * إلا أن يكون بينك وبينه قرابة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين إلا أن تتقوا منهم تقاة) * نهى الله المؤمنين أن يوادوا الكفار أو يتولوهم دون المؤمنين، وقال الله: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * الرحم من المشركين من غير أن يتولوهم في دينهم، إلا أن يصل رحما له في المشركين.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: * (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء) * قال: لا يحل لمؤمن أن يتخذ كافرا وليا في دينه، وقوله: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * قال: أن يكون بينك وبينه قرابة، فتصله لذلك.
حدثني محمد بن سنان، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا عباد بن منصور، عن الحسن في قوله: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * قال: صاحبهم في الدنيا معروفا الرحم وغيره، فأما في الدين فلا.
وهذا الذي قاله قتادة تأويل له وجه، وليس بالوجه الذي يدل عليه ظاهر الآية: إلا أن تتقوا من الكافرين تقاة.
فالأغلب من معاني هذا الكلام: إلا أن تخافوا منهم مخافة. فالتقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار، لا من غيرهم، ووجهه قتادة إلى أن تأويله: إلا أن تتقوا الله من أجل القرابة التي بينكم وبينهم تقاة، فتصلون رحمها. وليس ذلك الغالب على معنى الكلام والتأويل في القرآن على الأغلب الظاهر من معروف كلام العرب المستعمل فيهم.
وقد اختلفت القراء في قراءة قوله: * (إلا أن تتقوا منهم تقاة) * فقرأ ذلك عامة قراء