الزبير: * (وما يعلم تأويله) * الذي أراد ما أراد إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به. ثم ردوا تأويل المتشابهة على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لاحد فيها إلا تأويل واحد، فاتسق بقولهم الكتاب، وصدق بعضه بعضا، فنفذت به الحجة، وظهر به العذر، وزاح به الباطل، ودمغ به الكفر.
فمن قال القول الأول في ذلك، وقال: إن الراسخين لا يعلمون تأويل ذلك، وإنما أخبر الله عنهم بإيمانهم وتصديقهم بأنه من عند الله، فإنه يرفع الراسخين في العلم بالابتداء في قول البصريين، ويجعل خبره يقولون آمنا به. وأما في قول بعض الكوفيين فبالعائد من ذكرهم في يقولون، وفي قول بعضهم بجملة الخبر عنهم، وهي يقولون.
ومن قال القول الثاني، وزعم أن الراسخين يعلمون تأويله عطف بالراسخين على اسم الله فرفعهم بالعطف عليه.
والصواب عندنا في ذلك، أنهم مرفوعون بجملة خبرهم بعدهم وهو يقولون، لما قد بينا قبل من أنهم لا يعلمون تأويل المتشابه الذي ذكره الله عز وجل في هذه الآية، وهو فيما بلغني مع ذلك في قراءة أبي: ويقول الراسخون في العلم كما ذكرناه عن ابن عباس أنه كان يقرؤه، وفي قراءة عبد الله: إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون.
وأما معنى التأويل في كلام العرب: فإنه التفسير والمرجع والمصير، وقد أنشد بعض الرواة بيت الأعشى:
على أنها كانت تأول حبها * تأول ربعي السقاب فأصحبا