الذي هم عليه مقيمون، ما أبان عن خطأ قول الجهلة من القدرية، أن إزاغة الله قلب من أزاغ قلبه من عباده عن طاعته، وإمالته له عنها جور، لان ذلك لو كان كما قالوا لكان الذين قالوا: * (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) * بالذم أولى منهم بالمدح، لان القول لو كان كما قالوا، لكان القوم إنما سألوا ربهم مسألتهم إياه أن لا يزيغ قلوبهم، أن لا يظلمهم ولا يجور عليهم، وذلك من السائل جهل، لان الله جل ثناؤه لا يظلم عباده ولا يجور عليهم، وقد أعلم عباده ذلك، ونفاه عن نفسه بقوله: * (وما ربك بظلام للعبيد) * ولا وجه لمسألته أن يكون بالصفة التي قد أخبرهم أنه بها، وفي فساد ما قالوا من ذلك الدليل الواضح، على أن عدلا من الله عز وجل إزاغة من أزاغ قلبه من عباده عن طاعته، فلذلك استحق المدح من رغب إليه في أن لا يزيغه لتوجيهه الرغبة إلى أهلها ووضعه مسألته موضعها، مع تظاهر الاخبار عن رسول الله (ص) برغبته إلى ربه في ذلك مع محله منه، وكرامته عليه.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة: أن رسول الله (ص) قال: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ثم قرأ: * (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) *... إلى آخر الآية.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن أسماء، عن رسول الله (ص)، بنحوه.
حدثنا المثنى، قال: ثنا الحجاج بن المنهال، قال: ثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري، قال: ثنا شهر بن حوشب، قال: سمعت أم سلمة تحدث أن رسول الله (ص) كان يكثر في دعائه أن يقول: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك! قال: قلت يا رسول الله، وإن القلب ليقلب؟ قال: نعم، ما خلق الله من بشر من بني آدم إلا وقلبه بين إصبعين من أصابعه، فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه، فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب. قالت: قلت يا رسول الله، ألا