ولو كان معنى ذلك أن كل آية منهن أم الكتاب، لكان لا شك قد قيل: هن أمهات الكتاب.
ونظير قول الله عز وجل: * (هن أم الكتاب) * على التأويل الذي قلنا في توحيد الأم وهي خبر لهن قوله تعالى ذكره: * (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) * ولم يقل آيتين، لان معناه:
وجعلنا جميعهما آية، إذ كان المعنى واحدا فيما جعلا فيه للخلق عبرة. ولو كان مراده الخبر عن كل واحد منهما على انفراده، بأنه جعل للخلق عبرة، لقيل: وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين، لأنه قد كان في كل واحد منهما لهم عبرة. وذلك أن مريم ولدت من غير رجل، ونطق ابنها فتكلم في المهد صبيا، فكان في كل واحد منهما للناس آية.
وقد قال بعض نحويي البصرة: إنما قيل: * (هن أم الكتاب) * ولم يقل: هن أمهات الكتاب على وجه الحكاية، كما يقول الرجل: ما لي أنصار، فتقول: أنا أنصارك، أو ما لي نظير، فتقول: نحن نظيرك. قال: وهو شبيه دعني من تمرتان، وأنشد لرجل من فقعس:
تعرضت لي بمكان حل * تعرض المهرة في الطول تعرضا لم تأل عن قتلا لي حل أي يحكي به، على الحكاية، لأنه كان منصوبا قبل ذلك، كما يقول: نودي:
الصلاة الصلاة، يحكي قول القائل: الصلاة الصلاة! وقال: قال بعضهم: إنما هي أن قتلا