تحملنا ما لا طاقة لنا به) * من التغليظ والأغلال التي كانت عليهم من التحريم.
(وإنما قلنا: إن تأويل ذلك: ولا تكلفنا من الأعمال ما لا نطيق القيام به على نحو الذي قلنا في ذلك، لأنه عقيب مسألة المؤمنين ربهم أن لا يؤاخذهم إن نسوا أو أخطأوا، وأن لا يحمل عليهم إصرا كما حمله على الذين من قبلهم، فكان إلحاق ذلك بمعنى ما قبله من مسألتهم في الدين أولى مما خالف ذلك المعنى.) القول في تأويل قوله تعالى: * (واعف عنا واغفر لنا) *.
وفي هذا أيضا من قول الله عز وجل خبرا عن المؤمنين من مسألتهم إياه ذلك الدلالة الواضحة أنهم سألوه تيسير فرائضه عليهم بقوله: * (ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) * لأنهم عقبوا ذلك بقولهم: * (واعف عنا) * مسألة منهم ربهم أن يعفو لهم عن تقصير إن كان منهم في بعض ما أمرهم به من فرائضه، فيصفح لهم عنه، ولا يعاقبهم عليه، وإن خف ما كلفهم من فرائضه على أبدانهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال بعض أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (واعف عنا) * قال: اعف عنا إن قصرنا عن شئ من أمرك مما أمرتنا به. وكذلك قوله:
* (واغفر لنا) * يعني: واستر علينا زلة إن أتيناها فيما بيننا وبينك، فلا تكشفها ولا تفضحنا بإظهارها. وقد دللنا على معنى المغفرة فيما مضى قبل.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد * (واغفر لنا) * إن انتهكنا شيئا مما نهيتنا عنه.
(القول في تأويل قوله تعالى: * (وارحمنا) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: تغمدنا منك برحمة تنجينا بها من عقابك، فإنه ليس بناج من عقابك أحد إلا برحمتك إياه دون عمله، وليست أعمالنا منجيتنا إن أنت لم ترحمنا، فوفقنا لما يرضيك عنا.) كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (وارحمنا) * قال: يقول: لا ننال العمل بما أمرتنا به، ولا نترك ما نهيتنا عنه إلا برحمتك، قال: ولم ينج أحد إلا برحمتك.
القول في تأويل قوله تعالى: * (أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) *.