الجماعة الكاملة التي تضم مختلف الطوائف والأصناف، أما بشأن الرسل الذين بعثوا إلى الجن هل كانوا منهم، أم من البشر؟ فهناك كلام بين المفسرين، ولكن الذي يستفاد من آيات سورة الجن يدل بجلاء على أن الإسلام والقرآن للجميع بما فيهم الجن، وأن نبي الإسلام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الجميع، ولكن هذا لا يمنع أن يكون لهم رسل وممثلون من جنسهم عهد إليهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بدعوتهم إلى الإسلام (سيأتي شرح ذلك بالتفصيل، وكذلك المعنى العلمي للجن في تفسير سورة الجن في الجزء 29 من القرآن الكريم).
ولكن ينبغي أن نعلم أن " منكم " لا تعني أن أنبياء كل جنس يكونون من الجنس نفسه، لأننا عندما نقول: " نفر منكم... " يمكن أن يكون هؤلاء من طائفة واحدة أو من عدة طوائف.
ثم تقول الآية: قالوا شهدنا على أنفسنا لأن يوم القيامة ليس يوم الكتمان، بل إن دلائل كل شئ تكون بادية للعيان، وما من أحد يستطيع أن يخفي شيئا، فالجميع يعترفون أمام هذا السؤال الإلهي قائلين: إننا نشهد ضد أنفسنا ونعترف أن الرسل قد جاؤونا وأبلغونا رسالاتك ولكننا خالفناها.
نعم... لقد كانت أمامهم آيات ودلائل كثيرة من الله، وكان يميزون الخطأ من الصواب، إلا أن الحياة الدنيا ببريقها ومظاهرها قد خدعتهم وأضلتهم: وغرتهم الحياة الدنيا.
هذه الآية تدل بوضوح على أن العقبة الكبرى في طريق سعادة البشر هي الحب اللامحدود لعالم المادة والخضوع له بلا قيد ولا شرط، ذلك الحب الذي كبل الإنسان بقيود الأسر ودفعه إلى ارتكاب كل ألوان الظلم والعدوان والإجحاف والأنانية والطغيان.
مرة أخرى يؤكد القرآن أنهم شهدوا على أنفسهم بألسنتهم بأنهم قد ساروا في طريق الكفر ووقفوا إلى جانب منكري الله: وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا