2 التفسير 3 أحكام القتل الناتج عن الخطأ:
لقد أطلقت الآية السابقة أيدي المسلمين في المنافقين الذين كانوا يشكلون خطرا كبيرا على الإسلام، وسمحت لهم حتى بقتل أمثال هؤلاء المنافقين، ولكن تفاديا لاستغلال هذا الحكم استغلالا سيئا، ولسد الطريق أمام الأغراض الشخصية التي قد تدفع صاحبها إلى قتل إنسان بتهمة أنه منافق، وأمام أي تساهل في سفك دماء الأبرياء، بينت هذه الآية والتي تليها أحكام قتل الخطأ وقتل العمد، لكي يكون المسلمون على غاية الدقة والحذر في مسألة الدماء التي تحظى باهتمام بالغ في الإسلام، تقول الآية الكريمة: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ.
هذه الآية تقرر في الواقع حقيقة من الحقائق، فالمؤمن لا يسمح لنفسه إطلاقا أن يسفك دما بريئا، لأن المشاعر الإيمانية تجعل من الجماعة المؤمنة أعضاء جسد واحد، وهل يقدم عضو في جسد على قطع عضو آخر إلا خطأ! من هذه الحقيقة يتضح أن مرتكب جريمة القتل متهم أولا في إيمانه.
وعبارة " إلا خطأ " لا تعني السماح بارتكاب قتل الخطأ! لأن مثل هذا القتل لا يكون عن قرار مسبق، ولا يكون مرتكبه حين الارتكاب على علم بخطأه أنها - إذن - تقرير لحقيقة عدم ارتكاب المؤمن مثل هذه الجريمة إلا عن خطأ.
ثم تبين الآية الكريمة غرامة قتل الخطأ، وتقسمها إلى ثلاثة أنواع:
فالنوع الأول: هو أن يحرر القاتل عبدا مسلما، ويدفع الدية عن دم القتيل إلى أهله إذا كان القتيل ينتمي إلى عائلة مسلمة ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله فإذا وهب أهل القتيل الدية وتصدقوا بها له فليس على القاتل أن يدفع شيئا: إلا أن يصدقوا....
والنوع الثاني: من غرامة قتل الخطأ يكون في حالة ما إذا كان القتيل مسلما،