الآية السابقة وأمرت بقبول الصلح منها، والطائفة تتشكل من أفراد نفعيين انتهازيين، همهم الوحيد تحقيق مصالحهم والتحرك بحرية تامة لدى المسلمين، وقريش عن طريق الرياء والخيانة والخداع، والتظاهر بتأييد واتباع الجانبين والتعاون معهما، وفي هذا المجال تقول الآية الكريمة: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم يأمنوا قومهم....
وهؤلاء حين تسنح لهم الفرصة ينقلبون على أعقابهم وينغمسون في الفتنة والشرك نكسا على رؤوسهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها....
وعمل هؤلاء وسلوكهم على عكس سلوك الطائفة السابقة التي أرادت أن تبقى على الحياد فقد تجنبت الفئة السابقة إيذاء المسلمين، أما هذه الأخيرة فقد انطوت سريرتها على إيذاء المسلمين والوقوف ضدهم.
وقد اشترط القرآن الكريم على هذه الطائفة ثلاثة شروط من أجل أن تبقى في مأمن من انتقام المسلمين، وهذه الشروط هي: اعتزال المسلمين، أو مصالحتهم، أو الكف عن إيذائهم حيث تقول الآية الكريمة: فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم....
وإذا رفضت هذه الطائفة الشروط المذكورة وأصرت على العصيان والتمرد، فالمسلمون مكلفون عند ذلك بإلقاء القبض على أفرادها وقتلهم أينما وجدوا، كما تقول الآية: فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم.
ولما كانت الحجة قد تمت على هؤلاء، تقول الآية في الخاتمة: أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.
وقد يكون هذا التسلط في مجال الكلام والمنطق إذا تغلب منطق المسلمين على منطق المشركين والكافرين، وقد يكون سلطانا ماديا ظاهريا عليهم لأن الآية نزلت في وقت كان المسلمون يتمتعون فيه بقدر كاف من القوة.
وتشير عبارة " ثقفتموهم " الواردة في الآية إلى احتياج المسلمين إلى الدقة