والآية الثانية: تنسب " السيئات " إلى الناس انطلاقا من مفهوم " الجوانب السلبية " للقضية ومن الإساءة في استخدام المواهب الإلهية.
تماما مثل والد وهب ابنه مالا ليبني به دارا جديدة، لكن هذا الولد بدلا من أن يستخدم هذا المال في بناء البيت المطلوب، اشترى مخدرات ضارة أو صرفه في مجالات الفساد والفحشاء، لا شك أن الوالد هو مصدر هذا المال، لكن أحدا لا ينسب تصرف الابن لوالده، لأنه أعطاه للولد لغرض خيري حسن، لكن الولد أساء استغلال المال، فهو فاعل الشر، وليس لوالده دخل في فعلته هذه.
2 - ويمكن القول - أيضا - بأن الآية الكريمة إنما تشير إلى موضوع " الأمر بين الأمرين ".
وهذه قضية بحثت في مسألة الجبر والتفويض، وخلاصة القول فيها أن جميع وقائع العالم خيرا كانت أم شرا - هي من جانب واحد تتصل بالله سبحانه القدير لأنه هو الذي وهب الإنسان القدرة والقوة وحرية الانتخاب والاختيار، وعلى هذا الأساس فإن كل ما يختاره الإنسان ويفعله بإرادته وحريته لا يخرج عن إرادة الله، لكن هذا الفعل ينسب للإنسان لأنه صادر عن وجوده، وإرادته هي التي تحدد اتجاه الفعل.
ومن هنا فإننا مسؤولون عن أعمالنا، واستناد أعمالنا إلى الله - بالشكل الذي أوضحناه - لا يسلب عنا المسؤولية ولا يؤدي إلى الاعتقاد بالجبر.
وعلى هذا الأساس حين تنسب " الحسنات " و " السيئات " إلى الله سبحانه وتعالى، فلفاعلية الله في كل شئ، وحين تنسب السيئة إلى الإنسان فلارادته وحريته في الاختيار.
وحصيلة هذا البحث إن الآيتين معا تثبتان قضية الأمر " الأمر بين الأمرين " (تأمل بدقة)!
3 - هناك تفسير ثالث للآيتين ورد فيما أثر عن أهل البيت (عليهم السلام)، وهو أن