المؤمنين كي لا يخافوا من هؤلاء الطواغيت مهما أوتوا من عدة أو عدد، لأنهم خالون من الهدف فارغون من الإيمان، ولذلك كانت خططهم كلها ضعيفة خاوية كقدرتهم ولأنهم لا يعتمدون على منشأ القدرة الأزلية الأبدية الذي هو الله العزيز القدير، بل يعتمدون على قدرة الشيطان الضعيفة الجوفاء: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.
أما سبب قوة المؤمنين من أنصار الحق فيعود إلى أنهم يسيرون في طريق أهداف وحقائق تنسجم مع قانون الخليقة والوجود، وتتمتع بالصفة الأزلية الأبدية، فهم يجاهدون في سبيل تحرير الإنسان ومحو آثار الظلم والعدوان بينما الطاغوت وأنصاره يقاتلون من أجل منافعهم الشخصية أو يعملون في خدمة الطواغيت والمستكبرين من أجل استغلال البشر إرضاءا لشهواتهم الفانية الزائلة، الأمر الذي يدفع في النهاية بالمجتمع إلى الإنحطاط والزوال، لأن عمل الطواغيت يتناقض وسر الوجود ويتعارض مع قوانين الفطرة والطبيعة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المؤمنين باعتمادهم على القوى الروحية يتمتعون بثقة عالية بالنفس وبهدوء باطني يمهد لهم سبيل النصر والفوز على العدو، بل ويهبهم القوة والقدرة على الاندفاع لمواجهة الأعداء، بينما العدو والكافر لا يعتمد على أساس قوي أبدا.
وتجدر الملاحظة هنا أن الآية قرنت الطاغوت بالشيطان، وهذا يدل على أن القوى الطاغوتية المتجبرة إنما تستمد القوة والعون من منبع ضعيف يتمثل في القوى الشيطانية والجوفاء.
هذا المضمون تذكره - أيضا - الآية (27) من سورة الأعراف: إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون.
* * *