لم يفعل ذلك لكان ظلاما للناس.
ولقد نقل عن الإمام علي (عليه السلام) في نهج البلاغة أنه قال:
" وأيم الله ما كان قوم قط في غض نعمة من عيش فزال عنهم إلا بذنوب اجترحوها لأن الله ليس بظلام للعبيد ".
إن هذه الآية تعد من الآيات التي تفند - من جهة - مقولة الجبريين، و - تعمم - من جهة أخرى - أصل - العدالة وتسحبه على كل الأفعال الإلهية، فتكون جميعا مطابقة للعدالة.
وتوضيح ذلك: إن الآية الحاضرة تصرح بأن كل جزاء - من ثواب أو عقاب - ينال الناس من جانب الله سبحانه فإنما هو جزاء أعمالهم التي ارتكبوها بمحض إرادتهم واختيارهم ذلك بما قدمت أيديكم.
وتصرح من جانب آخر بأن الله ليس بظلام للعبيد وإن قانونه في الجزاء يدور على محور العدل المطلق، وهذا هو نفس ما تعتقد به العدلية (وهم القائلون بالعدل الإلهي، وهم الشيعة وطائفة من أهل السنة المسمون بالمعتزلة).
غير أن هناك في الطرف الآخر جماعة من أهل السنة " وهم الذين يسمون بالأشاعرة " لهم اعتقاد غريب في هذا المجال فهم يقولون: إنه تعالى هو المالك في خلقه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو أدخل الخلائق بأجمعهم الجنة لم يكن حيفا، ولو أدخلهم النار لم يكن جورا... فلا يتصور منه ظلم، ولا ينسب إليه جور (1).
والآية الحاضرة تفند هذا النوع من الآراء والمقالات تفنيدا باتا ومطلقا وتقول بصراحة لا غبش فيها ولا غموض: ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله