طوقا في أعناقهم في ذلك اليوم الرهيب.
ومن هذه الجملة يستفاد أن الأموال التي لم يدفع صاحبها الحقوق الواجبة فيها، ولم ينتفع بها المجتمع، بل صرفت فقط في سبيل الأهواء الشخصية، وربما صرفت في ذلك السبيل بشكل جنوني، أو كدست دون أي مبرر ولم يستفد منها أحد سيكون مصيرها مصير أعمال الإنسان، أي أنها - طبقا لقانون تجسم الأعمال البشرية - ستتجسم يوم القيامة وتتمثل في شكل عذاب مؤلم يؤذي صاحبها ويخزيه.
إن تجسم مثل هذه الأموال التي تطوق بها أعناق ذويها إشارة إلى الحقيقة التالية، وهي أن كل إنسان يتحمل ثقل مسؤوليتها كاملا دون أن يكون هو قد انتفع بها.
إن الأموال الوفيرة التي تجمع بشكل جنوني وتكنز ولا تصرف في خدمة المجتمع لا تكون سوى أغلال وسجون لأصحابها، لأن للاستفادة - كما نعلم - من الأموال والثروة الشخصية حدودا، فإذا تجاوزها الإنسان عادت عليه نوعا من الأسر الثقيل، والوزر الضار، اللهم إلا أن يستفيد من آثارها المعنوية وذلك حينما يوظفها في الأعمال الإيجابية الصالحة.
ثم إن هذه الأموال لا تشكل طوقا ثقيلا في أعناق أصحابها في الآخرة فحسب، بل تكون كذلك في هذه الدنيا أيضا، غاية الأمر أن هذا المعنى يكون أكثر ظهورا في الآخرة، بينما يكون في شئ من الخفاء في هذه الحياة، فأية حماقة - ترى - أكبر من أن يتحمل المرء مسؤولية جمع الثروة مضافة إلى مسؤولية الحفاظ عليها وحسابها والدفاع عنها وما يلازم ذلك من مشاق تثقل كاهله، في حين لا ينتفع بها هو أبدا، وهل الأموال حينئذ إلا طوق أسر ثقيل لا غير؟
ففي تفسير العياشي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " الذي يمنع الزكاة يحول الله