إنهم كانوا يقولون: إن الله عهد إلينا أن يبقي مثل هذا التعليم، ومثل هذا القربان في كل دين سماوي، وحيث إننا لا نجد مثل هذا الأمر في التعاليم الإسلامية لذلك فإننا لا نؤمن لك.
ولكن هذا الاحتمال بعيد عن تفسير الآية جدا لأنه:
أولا: إن هذه الجملة قد عطفت في الآية الحاضرة على " البينات " ويظهر من ذلك أن مرادهم كان عملا إعجازيا، وهو لا ينطبق مع هذا الاحتمال.
وثانيا: إن ذبح حيوان ثم حرقه بالنار عمل خرافي ولا يمكن أن يكون من تعاليم الأنبياء وشرائعهم السماوية.
ثم يعقب سبحانه على الآية السابقة بقوله: فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك.
وفي هذه الآية يسلي الله سبحانه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول: إن كذبتك هذه الجماعة فلا تقلق لذلك ولا تحزن، فذلك هو دأبهم مع أنبياء سبقوك حيث كذبوهم، وعارضوا دعوتهم بصلابة وعناد.
ولم يكن هؤلاء الأنبياء غير مزودين بما يبرهن على صدقهم، بل جاؤوا بالبينات والزبر والكتاب المنير.
وهنا لابد من الانتباه إلى أن " زبر " وهو جمع زبور يعني كتابا أحكمت كتابة مواضيعه، لأن الزبر أصلا من الكتابة، لا مطلق الكتابة، بل الكتابة المتقنة المحكمة.
وأما الفرق بين " الزبر " و " الكتاب المنير " مع أنهما من جنس واحد هو الكتاب، فيمكن أن يكون بسبب أن الأول إشارة إلى كتب الأنبياء قبل موسى (عليه السلام)، والثاني إشارة إلى التوراة والإنجيل، لأن القرآن الكريم عبر عنهما في سورة المائدة الآية 44، و 46 بالنور إذ قال: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور...
وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور.