على أن هذه الآية ليست هي الآية الوحيدة التي توصي بالعبيد، بل لقد بحثت هذه المسألة في آيات مختلفة أخرى أيضا.
هذا مضافا إلى أن الإسلام قد نظم برنامجا دقيقا لتحرير العبيد تدريجا، والذي يؤول في النتيجة إلى تحريرهم المطلق، وسوف نتحدث حول هذه المسألة في ذيل الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى.
ثم إنه سبحانه يقول في ختام هذه الآية إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا وهو بذلك يحذر كل من يتمرد ويعصي أوامر الله، ويتقاعس عن القيام بحقوق أقربائه ووالديه واليتامى والمساكين وابن السبيل والأصدقاء والأصحاب بدافع التكبر بأنه سيكون معرضا لسخط الله، وسيحرم من عنايته سبحانه، ولا ريب أن من حرم من اللطف الإلهي والعناية الربانية حرم من كل خير وسعادة.
وتؤيد هذا المعنى روايات وأخبار قد رويت في ذيل هذه الآية منها ما عن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقرأ هذه الآية " إن الله لا يحب كل مختال فخور " فذكر الكبر فعظمه، فبكى ذلك الصحابي فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما يبكيك؟ فقال يا رسول الله: إني لأحب الجمال حتى أنه ليعجبني أن يحسن شراك نعلي قال: " فأنت من أهل الجنة، أنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك، ولكن الكبر من سفه الحق وغمص الناس " (1).
والخلاصة أن ما يستفاد من العبارة الأخيرة أن مصدر الشرك وهضم حقوق الآخرين هو الأنانية والتكبر غالبا، ولا يتسنى للشخص أداء تلك الحقوق، وخاصة حقوق الأيتام والمساكين والارقاء إلا من تحلى بروح التواضع ونكران الذات (2).
* * *