هو أن " البخل " ينبع في الغالب من الكفر، لأن البخلاء لا يمتلكون الإيمان الكامل بالمواهب الربانية المطلقة والوعود الإلهية العظيمة للمحسنين. إنهم يتصورون أن مساعدة الآخرين وتقديم العون إليهم يجر إليهم التعاسة والشقاء.
وأما الحديث عن الخزي في عذاب هؤلاء، فلأن الجزاء المناسب للتكبر والاستكبار هو العذب المهين.
ثم إنه لابد من الالتفات إلى أن البخل لا يختص بالأمور المالية، بل يشمل كل نوع من أنواع الموهبة الإلهية، فثمة كثيرون لا يعانون من صفة البخل الذميمة في المجال المالي، ولكنهم يبخلون عن بذل العلم أو الجاه أو الأمور الأخرى من هذا القبيل.
ثم إن الله سبحانه يذكر صفة أخرى من صفات المتكبرين إذ يقول:
والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إنهم ينفقون أموالهم لا في سبيل الله وكسب رضاه، بل مراءاة الناس لكسب السمعة وجلب الشهرة والجاه، وبالتالي ليس هدفهم من الإنفاق هو خدمة الناس وكسب رضا الله سبحانه، ولهذا فإنهم لا يتقيدون في من ينفقون عليه بملاك الاستحقاق، بل يفكرون دائما في أنه كيف يمكنهم أن يستفيدوا من إنفاقاتهم ويحققوا ما يطمحون إليه من أغراض شخصية، وأهداف خاصة، كتقوية نفوذهم وتكريس موقعهم في المجتمع مثلا، لأنهم لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولهذا السبب يفتقر إنفاقهم إلى الدافع المعنوي الذي ينبغي توفره في الإنفاق، بل دافعهم هو الوصول إلى الشهرة والشخصية الكاذبة المزيفة من هذا السبيل، وهذا هو أيضا من آثار التكبر ونتائج الأنانية.
إن هؤلاء اختاروا الشيطان رفيقا وقرينا لهم: من يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا إنه لن يكون له مصير أفضل من مصير الشيطان، لأن منطقهم هو منطق الشيطان، وسلوكهم سلوكه سواء بسواء، إنه هو الذي يقول لهم: إن الإنفاق