الراعي بالغنم ينعق نعيقا إذا صاح بها زجرا. قال الأخطل:
فانعق بضأنك يا جرير، فإنما * منتك (1) نفسك في الخلاء ضلالا ونقع الغراب نعاقا ونعيقا: إذا صوت من غير أن يمد عنقه ويحركها. " ونغق بالغين بمعناه. فإذا مد عنقه وحركها ثم صاح قيل: نعب. والناعقان: كوكبان من كواكب الجوزاء. ورجلها اليسرى ومنكبها الأيمن، وهو الذي يسمى الهنعة، وهما أضوأ كواكب الجوزاء. والدعاء: طلب الفعل من المدعو، ونظيره الأمر. والفرق بينهما يطهر بالرتبة. والنداء: مصدر نادى مناداة ونداء. والدعاء والسؤال بمعناه.
والندى له وجوه في المعنى، يقال: ندى الماء، وندى الخير والشر، وندى الصوت، وندى الحضر. فالندى هو البلل. وندى الخير هو المعروف، يقال: أندى فلان علينا ندى كثيرا، ويده ندية بالمعروف. وندى الصوت: بعد مذهبه. وندى الحضر: صحة جريه. واشتق النداء من ندى الصوت ناداه أي: دعاه بأرفع صوته.
المعنى: ثم ضرب الله مثلا للكفار في تركهم إجابة من يدعوهم إلى التوحيد، وركونهم إلى التقليد فقال: (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق) أي: يصوت (بما لا يسمع) من البهائم (إلا دعاء ونداء) واختلف في تقدير الكلام وتأويله على وجوه أولها: إن المعنى مثل الذين كفروا في دعائك إياهم أي: مثل الداعي لهم إلى الإيمان كمثل الناعق في دعائه، المنعوق به من البهائم التي. تفهم، وإنما تسمع الصوت. فكما أن الأنعام لا يحصل لها من دعاء الراعي إلا السماع دون تفهم المعنى، فكذلك الكفار لا يحصل لهم من دعائك إلى الإيمان إلا السماع دون تفهم المعنى، لأنهم يعرضون عن قبول قولك، وينصرفون عن تأمله، فيكونون بمنزلة من لم يعقله، ولم يفهمه. وهذا كما تقول العرب: فلان يخافك كخوف الأسد، والمعنى كخوفه من الأسد.
فأضاف الخوف إلى الأسد، وهو في المعنى مضاف إلى الرجل. قال الشاعر:
فلست مسلما، ما دمت حيا، * على زيد، بتسليم الأمير أراد بتسليمي على الأمير. وهذا معنى قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام، وهو اختيار الجبائي والرماني والطبري.