رواه السكوني، عن أبي عبد الله، ولم يذكر أول من قص شاربه واستحد، وزاد فيه: وأول من قاتل في سبيل الله إبراهيم، وأول من أخرج الخمس إبراهيم، وأول من اتخذ النعلين إبراهيم، وأول من اتخذ الرايات إبراهيم.
وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه، رحمه الله، في كتاب النبوة، بإسناده مرفوعا إلى المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام، قال: سألته عن قول الله عز وجل:
(وإذ ابتلى إبراهيم ربه) (بكلمات) ما هذه الكلمات؟ قال: هي الكلمات التي تلقاها آدم عليه السلام من ربه فتاب عليه، وهو أنه قال: يا رب! أسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي، فتاب الله عليه إنه هو التواب الرحيم.
فقلت له: يا بن رسول الله! فما يعني بقوله (فأتمهن) قال: أتمهن إلى القائم اثني عشر إماما، تسعة من ولد الحسين عليه السلام. قال المفضل: فقلت له: يا بن رسول الله! فأخبرني عن كلمة الله عز وجل (وجعلها كلمة باقية في عقبه) قال: يعني بذلك الإمامة، جعلها الله في عقب الحسين إلى يوم القيامة. فقلت له: يا بن رسول الله!
فكيف صارت الإمامة في ولد الحسين دون ولد الحسن عليهما السلام، وهما جميعا ولدا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسبطاه وسيدا شباب أهل الجنة؟ فقال: إن موسى وهارون نبيان مرسلان اخوان، فجعل الله النبوة في صلب هارون دون صلب موسى، ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله ذلك، وإن الإمامة خلافة الله عز وجل ليس لأحد أن يقول لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن، لأن الله عز وجل هو الحكيم في أفعاله، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
وقال الشيخ أبو جعفر بن بابويه، رحمه الله: ولقوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات) وجه آخر، فإن الابتلاء على ضربين أحدهما مستحيل على الله تعالى والآخر جائز. فالمستحيل هو أن يختبره ليعلم ما تكشف الأيام عنه، وهذا ما لا يصح، لأنه سبحانه علام الغيوب. والآخر: أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به، فيكون ما يعطيه من العطاء على سبيل الاستحقاق، ولينظر إليه الناظر، فيقتدي به، فيعلم من حكمة الله عز وجل أنه لم تكن أسباب الإمامة إلا إلى الكافي المستقل بها، الذي كشفت الأيام عنه.
فأما الكلمات سوى ما ذكرناه، فمنها اليقين، وذلك قوله عز وجل: (وليكون من الموقنين) ومنها المعرفة بالتوحيد، والتنزيه عن التشبيه، حين نظر إلى الكوكب