والذرية والنسل والولد نظائر. وبعض العرب يكسر منها الذال، فيقول: ذرية.
وروي أنه قراءة زيد بن ثابت، وبعضهم فتحها فقال: ذرية. وفي أصل الكلمة أربعة مذاهب: من الذرء، ومن الذر، والذرو، والذري. فإن جعلته من الذرء، فوزنه فعيلة كمريق، ثم ألزمت التخفيف أو البدل كنبي في أكثر اللغة، والبرية. وإن أخذته من الذر فوزنه فعلية كقمرية، أو فعيلة نحو ذريرة. فلما كثرت الراءات أبدلت الأخيرة ياء، وأدغم الياء الأولى فيها، نحو: سرية، فيمن أخذها من السر: وهو النكاح، أو فعولة نحو ذرورة، فأبدلوا الراء الأخيرة لما ذكرنا فصار ذروية، ثم أدغم فصار ذرية. وإن أخذته من الذرو أو الذري:
فوزنه فعولة أو فعيلة، وفيه كلام كثير يطول به الكتاب ذكره ابن جني في المحتسب. والنيل، واللحاق، والإدراك نظائر. والنيل والنوال: ما نلته من معروف انسان. وأناله معروفه ونوله: أعطاه. قال طرفة:
إن تنوله فقد تمنعه، * وتريه النجم يجري بالظهر وقولهم: نولك أن تفعل كذا معناه: حقك أن تفعل.
الاعراب: (اللام) في قوله (للناس): تتعلق بمحذوف تقديره: إماما استقر للناس، فهو صفة لإمام، فلما قدمه انتصب على الحال. ويجوز أن تتعلق بجاعلك. وقوله (إماما) مفعول ثان لجعل. (ومن ذريتي) تتعلق بمحذوف تقديره: واجعل من ذريتي.
المعنى: (و) اذكروا (إذ ابتلى إبراهيم ربه) أي: اختبر وهو مجاز، وحقيقته أنه أمر إبراهيم ربه، وكلفه، وسمي ذلك اختبارا، لأن ما يستعمل الأمر منا في مثل ذلك، يجري على جهة الاختبار والامتحان، فأجرى على أمره اسم أمور العباد على طريق الاتساع. وأيضا فإن الله تعالى لما عامل عباده معاملة المبتلي المختبر، إذ لا يجازيهم على ما يعلمه منهم أنهم سيفعلونه قبل أن يقع ذلك الفعل منهم، كما لا يجازي المختبر للغير ما لم يقع الفعل منه سمى أمره ابتلاء. وحقيقة الابتلاء: تشديد التكليف.
وقوله (بكلمات) فيه خلاف: فروي عن الصادق أنه ما ابتلاه الله به في نومه من ذبح ولده إسماعيل أبي العرب، فأتمها إبراهيم، وعزم عليها، وسلم لأمر الله.
فلما عزم قال الله ثوابا له لما صدق، وعمل بما أمره الله (إني جاعلك للناس