إماما).
ثم أنزل عليه الحنيفية، وهي الطهارة، وهي عشرة أشياء خمسة منها في الرأس، وخمسة منها في البدن. فأما التي في الرأس: فأخذ الشارب، وإعفاء اللحى، وطم الشعر، والسواك والخلال. وأما التي في البدن فحلق الشعر من البدن، والختان، وتقليم الأظفار، والغسل من الجنابة، والطهور بالماء، فهذه الحنيفية الظاهرة التي جاء بها إبراهيم فلم تنسخ، ولا تنسخ إلى يوم القيامة، وهو قوله (واتبع ملة إبراهيم حنيفا) ذكره علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره.
وقال قتادة، وهو إحدى الروايتين، عن ابن عباس: إنها عشر خصال كانت فرضا في شرعه سنة في شريعتنا: المضمضة، والاستنشاق، وفرق الرأس، وقص الشارب، والسواك في الرأس، والختان وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، والاستنجاء بالماء في البدن. وفي الرواية الأخرى عن ابن عباس أنه ابتلاه بثلاثين خصلة من شرائع الاسلام، لم يبتل أحدا بها، فأقامها كلها إبراهيم، فأتمهن، فكتب له البراءة. فقال: (وإبراهيم الذي وفى)، وهي عشر في سورة براءة: (التائبون العابدون) إلى آخرها، وعشر في الأحزاب: (إن المسلمين والمسلمات) إلى آخرها. وعشر في سورة المؤمنين: (قد أفلح المؤمنون) إلى قوله: (أولئك هم الوارثون). وروي وعشر في سورة (سأل سائل) إلى قوله (والذين هم على صلاتهم يحافظون). فجعلها أربعين.
وفي رواية ثالثة عن ابن عباس أنه أمره بمناسك الحج، وقال الحسن: ابتلاه الله بالكوكب، والقمر، والشمس، والختان، وبذبح ابنه، وبالنار، وبالهجرة، فكلهن وفى الله فيهن. وقال مجاهد: ابتلاه الله بالآيات التي بعدها، وهي قوله:
(إني جاعلك للناس إماما) إلى آخر القصة. وقال أبو علي الجبائي: أراد بذلك كلما كلفه من الطاعات العقلية والشرعية، والآية محتملة لجميع هذه للأقاويل التي ذكرناها.
وكان سعيد بن المسيب يقول: كان إبراهيم أول الناس أضاف الضيف، وأول الناس اختتن، وأول الناس قص شاربه، واستحد (1)، وأول الناس رأى الشيب، فلما رآه قال: يا رب ما هذا؟ قال هذا الوقار. قال: يا رب فزدني وقارا. وهذا أيضا قد