ذلكم لأن الجماعة في معنى الجمع، والفريق. فلفظ الخطاب مفرد في معنى الجمع، ولو قال ذلكم لجاز..
وقوله: (فهي كالحجارة) شبه قلوبهم بالحجارة في الصلابة واليبس، والغلظ والشدة. وقد ورد الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تقسي القلب وإن أبعد الناس من الله القاسي القلب ". (أو أشد قسوة) أي: أو هي أشد قسوة. ويجوز أن يكون عطفا على موضع الكاف، وكأنه قال: فهي مثل الحجارة، أو أشد قسوة أي: أشد صلابة، لامتناعهم عن الإقرار اللازم بقيام حجته، والعمل بالواجب من طاعته، بعد مشاهدة الآيات.
وقيل: في تأويل (أو) ها هنا وجوه أحدها: ما ذكره الزجاج أن معناها الإباحة كقولهم: جالس الحسن، أو ابن سيرين. فإن جالست أحدهما أو جمعت بينهما، فأنت مصيب. فيكون معنى الآية على هذا: إن قلوبهم قاسية، فإن شبهت قسوتها بالحجر أصبت، وإن شبهتها بما هو أشد أصبت، وإن شبهتها بهما جميعا أصبت، كما مر نحو هذا في قوله سبحانه: (أو كصيب من السماء).
وثانيها: أن يكون (أو) دخلت للتفصيل والتمييز، فيكون معنى الآية: إن قلوبهم قاسية فبعضها كالحجارة، وبعضها أشد قسوة من الحجارة. وقد يحتمل قوله تعالى: (أو كصيب من السماء) هذا الوجه أيضا. وثالثها: أن يكون (أو) دخلت على سبيل الإبهام فيما يرجع إلى المخاطب وإن كان تعالى عالما بذلك غير شاك فيه، فأخبر أن قسوة قلوب هؤلاء كالحجارة، أو أشد قسوة. والمعنى إنها كأحد هذين، لا يخرج عنهما، كما يقال: أكلت بسرة أو تمرة، وهو يعلم ما أكله على التفصيل، إلا أنه أبهم على المخاطب، وكما قال لبيد:
تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما، * وهل أنا إلا من ربيعة، أو مضر أراد: وهل أنا إلا من أحد هذين الجنسين، فسبيلي أن أفنى كما فنيا. وإنما حسن ذلك لأن غرضه الذي نحاه، هو أن يخبر بكونه ممن يموت ويفنى، ولم يخل بقصده الذي أجرى إليه إجمال ما أجمل من كلامه. فكذلك هنا الغرض الإخبار عن شدة قسوة قلوبهم، وإنها مما لا يصغي إلى وعظ، ولا يعرج على خير، فسواء كانت كالحجارة، أو أشد منها، في أنه لا يحتاج إلى ذكر تفصيله ورابعها: أن يكون (أو)