المسكين، يقال: ما فيهم أسكن من فلان، وما كان مسكينا، ولقد تمسكن تمسكنا. ومنهم من يقول: تسكن تسكنا. والمسكنة هاهنا: مسكنة الفاقة والحاجة، وهي خشوعها وذلها. وقوله: وباؤوا بغضب أي: انصرفوا ورجعوا، ولا يقال باء إلا موصولا إما بخير، وإما بشر، وأكثر ما يستعمل في الشر. ويقال: باء بذنبه يبوء به. قال المبرد: وأصله المنزلة أي: نزلوا منزلة غضب الله. وروي أن رجلا جاء برجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: هذا قاتل أخي، وهو بواء به أي:
مقتول به. ومنه قول ليلى الأخيلية:
فإن تكن القتلى بواء فإنكم * فتى ما قتلتم آل عوف بن عامر قال الزجاج: أصل ذلك التسوية، ومنه ما روي عن عبادة بن الصامت قال:
جعل الله تعالى الأنفال إلى نبيه، فقسمها بينهم على بواء أي: على سواء بينهم في القسم، ومنه قول الشاعر (1):
فيقتل جبرا بامرئ لم يكن له * بواء، ولكن لا تكايل بالدم وقال قوم: هو الاعتراف، ومعناه أنهم اعترفوا بما يوجب غضب الله، ومنه قول الشاعر:
إني أبوء بعثرتي، وخطيئتي، * ربي، وهل إلا إليك المهرب والغضب: إرادة إيصال الضرر إلى من غضب عليه، فإذا أضيف إلى الله تعالى، فالمراد به أنه يريد إنزال العقوبة بالمغضوب عليه، نعوذ بالله من غضبه والنبي: اشتقاقه من النبأ الذي هو الخبر، لأنه المخبر عن الله سبحانه. فإن قلت:
لم لا يكون من النباوة، ومما أنشده أبو عثمان قال: أنشدني كيسان:
محض الضريبة في البيت الذي وضعت * فيه النباوة حلوا غير ممذوق (2) فالقول فيه: إنه لا يجوز أن يكون منها، لأن سيبويه زعم أنهم يقولون في تحقير النبوة كان مسيلمة نبيئة سوء، وكلهم يقول: تنبأ مسيلمة. فلو كان يحتمل الأمرين لما اجتمعوا على ذلك. قال أبو علي: ومما يقوي أنه من النبأ الذي هو الخبر أن النباوة الرفعة، وكأنه قال في البيت الذي وضعت فيه الرفعة، وليس كل رفعة