مقام النون في عشرون، بدلالة سقوط النون من اثنتان، وأن عشرة تعاقبها، وكذلك التقدير في جميع ذلك، وهو الثلاثة والثلاث من ثلاثة عشر، وثلاث عشرة إلى تسعة عشر، وتسع عشرة أن يكون فيها نون، فقام عشرة مقامها، فلذلك لم يدخلها التنوين، وإذا لم يدخلها تنوين، لم تبن. و (مفسدين):
منصوب على الحال.
المعنى: ثم عد سبحانه وتعالى على بني إسرائيل نعمة أخرى، إضافة إلى نعمه العلى الأولى، فقال: (وإذ استسقى موسى لقومه) أي: سأل موسى (1) قومه ماء، والسين سين الطلب، وترك ذكر المسؤول ذلك، إذ كان فيما ذكر من الكلام دلالة على معنى ما ترك، وكذلك قوله: (فقلنا اضرب بعصاك الحجر) فانفجرت لأن معناه: فضربه فانفجرت، فترك ذكر الخبر عن ضرب موسى الحجر، لأن فيما أبقاه من الكلام دلالة على ما ألقاه، وهذا كما يقال: أمرت فلانا بالتجارة فاكتسب مالا أي: فاتجر واكتسب مالا.
. وقوم موسى هم بنو إسرائيل، وإنما استسقى لهم ربه الماء في الحال التي تاهوا فيها في التيه، فشكوا إليه الظمأ، فأوحى الله تعالى إليه أن اضرب بعصاك، وهي عصاه المعروفة وكانت من آس الجنة، دفعها إليه شعيب، وكان آدم حملها من الجنة معه إلى الأرض. وكان طولها عشرة أذرع على طول موسى، ولها شعبتان تتقدان في الظلمة نورا، وبها ضرب البحر فانفلق، وهي التي صارت ثعبانا.
وأما الحجر فاختلف فيه، فقيل: كان يقرع لهم حجرا من عرض الحجارة، فينفجر عيونا لكل سبط عينا، وكانوا اثني عشر سبطا، ثم يسير كل عين في جدول إلى السبط الذي أمر بسقيهم، عن وهب بن منبه. وقيل: كان حجرا بعينه خفيفا، إذا رحلوا حمل في مخلاة، فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه فانفجر منه الماء، عن ابن عباس، وهذا أولى لدلالة الألف واللام للعهد عليه. وقيل: كانت حجرة فيها اثنتا عشرة حفرة، وكان الحجر من الكذان (2)، وكان يخرج من كل حفرة عين ماء عذب فرات، فيأخذونه، فإذا فرغوا أراد موسى حمله، ضربه بعصاه فيذهب الماء.
وكان يسقي كل يوم ستمائة ألف، عن أبي مسروق (3). وروي أنه كان حجرا