موضع نصب بأنه مفعول بها، ومعناه: إن الأرض وجميع ما فيها نعم من الله تعالى، مخلوقة لكم، إما دينية فتستدلون بها على معرفته، وإما دنياوية فتنتفعون بها بضروب النفع عاجلا. وقوله (ثم استوى إلى السماء) فيه وجوه أحدها: إن معناه قصد للسماء ولتسويتها، كقول القائل: كان الأمير يدبر أمر الشام، ثم استوى إلى أهل الحجاز أي: تحول تدبيره وفعله إليهم وثانيها: إنه بمعنى استولى على السماء بالقهر، كما قال " لتستووا على ظهوره " أي:
تقهروه، ومنه قوله " ولما بلغ أشده واستوى " أي تمكن من أمره، وقهر هواه بعقله، فعلى هذا يكون معناه: ثم استوى إلى السماء في تفرده بملكها، ولم يجعلها كالأرض ملكا لخلقه، ومنه قول الشاعر:
فلما علونا، واستوينا عليهم، * تركناهم صرعى لنسر، وكاسر (1) وقال آخر (2):
ثم استوى بشر على العراق * من غير سيف، ودم مهراق وثالثها: إن معناه: ثم استوى أمره، وصعد إلى السماء، لأن أوامره وقضاياه تنزل من السماء إلى الأرض، عن ابن عباس ورابعها: ما روى عن ثعلب أحمد بن يحيى أنه سئل عن معنى الاستواء في صفة الله عز وجل فقال: الاستواء الإقبال على الشئ يقال: كان فلان مقبلا على فلان [يشتمه] ثم استوى علي وإلي يكلمني، على معنى أقبل إلي، وعلي. فهذا معنى قوله (ثم استوى إلى السماء). وقوله:
" فسواهن سبع سماوات " التسوية: جعل الشيئين أو الأشياء على استواء، يقال:
سويت الشيئين فاستويا، وإنما قال: فسواهن، فجمع الضمير العائد إلى السماء، لأن السماء اسم جنس يدل على القليل والكثير، كقولهم أهلك الناس الدينار والدرهم. وقيل: السماء جمع سماوة وسماءة، ولذلك يؤنث مرة، ويذكر أخرى.
فقيل: السماء منفطر به، كما يفعل ذلك بالجمع الذي بينه وبين واحده الهاء نحو:
نخل ونخلة، وبقر وبقرة. وقيل: إن السماوات كانت سماء فوق سماء، فهي في التقدير واحدة، وتكون الواحدة جماعة كما يقال ثوب أخلاق وأسمال، وبرقة