وهو مشتق من السبح: الذي هو الذهاب، ولا يجوز أن يسبح غير الله، وإن كان منزها لأنه صار علما في الدين على أعلى مراتب التعظيم التي لا يستحقها سواه، كما أن العبادة هي غاية في الشكر لا يستحقها سواه.
الاعراب: قال أبو عبيدة: إذ ههنا زائدة، وأنكر الزجاج وغيره عليه هذا القول، وقالوا: إن الحرف إذا أفاد معنى صحيحا لم يجز إلغاؤه. قال الزجاج: ومعناه الوقت. ولما ذكر الله تعالى خلق الناس وغيرهم، فكأنه قال ابتداء خلقكم إذ قال ربك للملائكة. وقال علي بن عيسى: تقديره أذكر إذ قال ربك للملائكة، فموضع " إذ " نصب على اضمار فعل، والواو عاطفة جملة على جملة، و (إني جاعل في الأرض خليفة) جملة في موضع نصب بقال.
وقوله (أتجعل فيها) إلى قوله (ونقدس لك) في موضع نصب بقالوا: والواو في قوله " ونحن " واو الحال، وتسمى واو القطع، وواو الاستئناف، وواو الابتداء، وواو إذ، كذا كان يمثلها سيبويه. ومثله الواو في قوله (يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم " أي: إذ طائفة. وكذا ههنا إذ نحن نسبح.
والعامل في الحال ههنا " أتجعل " كأنه قال أتجعل فيها من يفسد فيها. وهذه حالنا. والباء في (بحمدك) تتعلق بنسبح. واللام من " لك " تتعلق بنقدس.
وما موصولة، وصلته (لا تعلمون) والعائد: ضمير المفعول، حذف لطول الكلام أي: لا تعلمونه، وهو في موضع النصب بأعلم.
المعنى: اذكر يا محمد (إذ قال ربك للملائكة) قيل: إنه خطاب لجميع الملائكة. وقيل: خطاب لمن أسكنه الأرض بعد الجان من الملائكة، عن ابن عباس " إني جاعل " أي: خالق (في الأرض خليفة) أراد بالخليفة آدم عليه السلام، فهو خليفة الله في أرضه يحكم بالحق، إلا أنه تعالى كان أعلم ملائكته أنه يكون من ذريته من يفسد فيها، عن ابن عباس، وابن مسعود. وقيل: إنما سمى الله تعالى آدم خليفة، لأنه جعل آدم وذريته خلفاء للملائكة، لأن الملائكة كانوا من سكان الأرض. وقيل: كان في الأرض الجن فأفسدوا فيها، وسفكوا الدماء فأهلكوا، فجعل آدم وذريته بدلهم، عن ابن عباس. وقيل: عنى بالخليفة ولد آدم يخلف بعضهم بعضا، وهم خلفوا أباهم آدم في إقامة الحق، وعمارة الأرض، عن الحسن البصري. وقيل: أراد بالأرض مكة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: دحيت الأرض